جمعهما التاريخ ويوحدهما المصير المشترك

الجزائر وليبيا جبهة واحدة ضد التدخل الأجنبي

أمين بلعمري
03 أكتوير 2016

لا يربط بين الجزائر وليبيا تاريخهما المشترك فقط ولكن إدراكهما العميق بوحدة  المصير ومستقبلهما المشترك كذلك وهذا بحكم عديد العوامل التي جعلت من إصابة إحداهما بمكروه يفرض على الأخرى أن تتداعى بالسهر و تهرع إلى نجدتها ومساعدتها للخروج من ورطتها. لهذا، كانت الجزائر أول المهرولين إلى نجدة الجارة ليبيا في بداية الأزمة التي عصفت بها منذ سنة 2011 ولم تثنها حملات الدعاية والتشويه التي طالتها عن الاستمرار في أداء واجبها تجاه الشقيقة ليبيا، إدراكا منها أنها صيحات يائسة لأطراف معروفة تعمل على بث الفتنة بين الإخوة لإبعاد الجزائر وإجهاض أيّ دور لها في حل الأزمة الليبية، لأن تلك الأطراف – التي لاتزال تعمل على إبعاد الجزائر - لم تكن ترغب في أن تجد لغة الحكمة والتعقل مكانا لها في المشهد الليبي، بينما كانت تعمل هي على صبّ النار على الزيت وتشجيع سيناريوهات التقسيم والمواجهة لتجعل من بلد الشهيد عمر المختار، أحد رموز الجهاد والمقاومة ضد الاستعمار، لقمة سائغة في فم الاستعمار الجديد.
إن الرفض الجزائري لأيّ تدخل عسكري أجنبي في ليبيا وإن صنفه بعضٌ في البداية،  لقصور نظرهم، في خانة دعم الديكتاتورية والوقوف في وجه تطلعات وإرادة الشعب، تبين لاحقا أنه موقف متبصّر نابع من حرص الجزائر على سلامة الشعب الليبي وعلى وحدة أراضيه، من خلال إعمال الحلول السياسية ونهج الحوار بين كل الفاعلين الليبيين للتوصل إلى حل نابع من إرادة الشعب الليبي نفسه وليس حلول مفروضة من الخارج لا تراعي التوازنات الداخلية والتي أثبتت فشلها الذريع. في هذا الصدد، فتحت الجزائر ذراعيها للإخوة الليبيين واحتضنت العديد من دورات الحوار الليبي-الليبي، دون أي تدخل كان في شؤونهم، ماعدا الاكتفاء بتسهيل هذا المسار وتوفير كل الظروف لإنجاحه.
على صعيد الجوار، لم تدّخر الجزائر أي جهد كذلك في التنسيق مع دول الجوار الليبي خلال الاجتماعات الثمانية لهذه الدول، الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية والتي أكدت خلالها الجزائر على جملة من الأولويات وهي الحفاظ على السلامة الترابية للجارة ليبيا وعلى وحدة شعبها واستبعاد شبح التدخل الأجنبي وكذا تقديم كل المساعدات للسلطات الليبية وتمكينها من بسط سيطرتها على البلاد وعلى مواجهة كل التحديات، على رأسها التحدي الإرهابي، الذي استغل الفوضى وغياب منطق الدولة للانتشار في الأراضي الليبية.
على صعيد آخر، رحبت ودعمت الجزائر جهود الأمم المتحدة في ليبيا منذ اللحظة الأولى لوصول مبعوثها الخاص برناردينو ليون، الذي وجد كل الدعم والمساندة من الجزائر وأثمرت تلك الجهود المشتركة التئام أول لقاء بين الفرقاء الليبيين، تحت مظلة الأمم المتحدة في غدامس الليبية. ويتواصل دعم الجزائر لجهود الأمم المتحدة في ليبيا ولمبعوثها الجديد مارتن كوبلر، في إطار التزام الجزائر بكل خطوة من شأنها التأسيس لغد أفضل للشعب الليبي الشقيق.
الأكيد، أن الجزائر ستظل واقفة إلى جانب الشعب الليبي في هذه المحنة العابرة، مهما حاول بعض أن يجعل من ليبيا بؤرة لحالة عدم استقرار مزمن تتوسع لاحقا على كل المنطقة. وهذا ما يجعل بعض الأطراف تستمر في محاولة تغييب الجزائر من المشهد الليبي، بينما يظهر هنا جليا قصور نظر تلك الأطراف التي تجهل، على ما يبدو، مدى قوة العلاقة الموجودة بين الشعبين الجزائري والليبي وهذا ما يبرر الثقة التي تحظى بها الجزائر لدى كل الأطراف الليبية وهي الثقة التي اكتسبتها الجزائر بفضل مواقفها المتوازنة من الأزمة الليبية والبقاء على المسافة نفسها من الجميع وتشجيع الحلول النابعة من الليبيين أنفسهم، لأنها تدرك أنها وحدها كفيلة بحل الأزمة الليبية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024