اتفاق الجزائر حول النفط يعد نقطة محورية وتاريخية في ظرف حساس لهذا المنتوج الاستراتيجي العالمي، حيث انه إضافة إلى التأثير المباشر للقرار المتخذ حول أسعار البترول في السوق العالمية .. فإن الحدث أعاد لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبيب» دورها الذي افتقدته، منذ سنوات كعنصر فعّال لإحداث التوازن في الأسواق النفطية العالمية.
الأوبيب استطاعت أن تعيد لنفسها تلك «الهيبة « التي تأثرت في السنوات الأخيرة بسبب عدم وجود اتفاق حول احترام حصص الإنتاج والتأثير على المخزون العالمي الذي سجل ارتفاعا في السنوات الأخيرة، مما نتج عنه انخفاض بوتيرة سريعة جدا لأسعار النفط، ان لم نقل انهيارها الحقيقي بسبب الصدمة التي أحدثها بالنسبة للبلدان المنتجة للنفط التي يعاني اقتصادها بشكل كبير.
بحسب الخبراء، فإن اتفاق الجزائر سوف يساهم تدريجيا في امتصاص المخزون العالمي الذي يقارب حاليا حوالي 8 مليارات برميل، علما أن الاستهلاك اليومي العالمي من هذه المادة الإستراتيجية يصل إلى 96 مليون برميل.. فبالرغم من أن اتفاق الجزائر حدد نسبة خفض الإنتاج بـ 750 ألف برميل يوميا، فإن ذلك سيعطي نتائج ملموسة من خلال عودة «الأوبيك « بوصول أعضائها الى اتفاق تاريخي باعتماد أرضية توافقية تجمعهم، كون المشكل، بل الخطر أصبح يمسّ كل المنتجين بما فيهم البلدان التي لا تنتمي الى المنظمة من جراء تدهور الأسعار وتأثر الصناعة النفطية من عدم وجود استثمارات، لأن المناخ الذي أحدثته الوضعية لا يشجع على ذلك.
من جهة أخرى، فإن عودة بلدان «الأوبيك» الى الواجهة من خلال «لقاء الجزائر « هو عودة «قوة نفطية» الى التأثير في السوق كون الـ 14 بلدا الذين يشكلون المنظمة يحوزون أكثر من 50 بالمائة من الاحتياط العالمي للنفط في العالم .. مما يبقي المنظمة دائما قوية ومتماسكة بالرغم من الفترات الصعبة التي مرّت بها.
لهذا، فإن دور الجزائر كان مرة أخرى محوريا ورياديا في اعادة «الاستقرار» لسوق تدهورت، بإضفاء جو من التشاور والحكمة لأعضاء الأوبيك الذين بدون شك سيعملون على السير معا في منحى للحفاظ على هذا المكسب الاستراتيجي والمهم لكل البلدان المعنية..