إلى أين وصلت عملية تسوية الحالات المتعلّقة بالبنايات غير المكتملة؟ هذا ما نحاول تنوير به القارئ في أول استهلال لـ «الملّف المحلّي»، انطلاقا من الإهتمام الذي توليه السّلطات العمومية لهذا العمل، في إطار إعادة الإعتبار للمدينة الجزائرية، والسّهر على فرض التّهيئة التي تراعي التّواصل في النّسيج العمراني، وهو الإنشغال الذي ما فتئ يحرّك الجهات بوزارة السّكن والعمران والمدينة منذ أن سنّت القانون المشهور المعروف بـ «١٥ - ٠٨».
ونظرا للتفهم الذي أبدته الوصاية، وهذا بمرافقة أصحاب هذه البنايات لفترة طويلة جدّا، من أجل تحسيسهم بضرورة الإسراع في إنهاء هذا الإشكال في سياق مريح وتسهيل قانوني موات، إلاّ أنّ هذا المسار لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر، وبقيت «دار لقمان على حالها» إلى غاية يومنا هذا.
وهكذا اضطرّت الوزارة إلى العمل بما يفرضه القانون في هذا الشّأن، قصد إجبار هؤلاء على الإذعان لمنطوق هذا التّشريع الواضح، والذي لا غبار عليه.
وكان هذا حتمية لا مفر منها، في دعوة الجميع إلى الاقتراب من مصالح الجماعات المحلية المختصّة في هذا المجال من أجل العودة إلى الوضع الطّبيعي، علما أنّ الشّروط المعلن عنها في حالة عدم المطالبة بشهادة المطابقة ستعرّض صاحبها إلى عقوبات صارمة تحرمه من كل الامتيازات في هذا الشّأن كالبيع والتّأجير والتّوريث وغيرها.
هذا الإطار «الرّدعي» الذي وضعته الوزارة هو تحصيل حاصل لعدم تجاوب المواطن مع النّداءات الموجّهة إليه، ففي كل مرّة يؤجّل التّاريخ النّهائي لإيداع الملفّات، وفي مقابل ذلك تمدّد الفترة إلى موعد لاحق، لكن بالرغم من هذه النّوايا الإيجابية إلاّ أنّ عدد الذين تقدّموا كان ضعيفا لا يفي بما هو مطلوب إذا ما قورن بالبنايات التي لا تعد ولا تحصى.
هذا الفارق الملاحظ استدعى أن يسد مهما كان الأمر، من خلال التوجه المباشر إلى المعنيّين، ودعوتهم مرة أخرى إلى التحلي بروح المواطنة والتشبّع بقيم المسؤولية في التخلص من هذا الإشكال، وهذا باستكمال بناياتهم داخليا وخارجيا.
قد لا نقدّر حجم المشكلة في العاصمة وضواحيها نظرا لاعتبارات مادية بحتة، لكن إطلالة على هذه العيّنات في المناطق الغربية والشّرقية من الجزائر العميقة وحتى الوسطى يصاب بالذّهول لا يرى إلاّ المواد الحمراء، وهياكل إسمنتية على شكل مربّعات محدثة ديكورا مخالفا وحتى مناقضا للمحيط العام لإقامات النّاس، وبالرغم من ذلك فإنّ هناك من استغلّ المحلات التّجارية فقط، لاستعمالات متنوّعة مستودعات للبضائع وغسل السيارات، الميكانيكا، وحدّث ولا حرج بالنسبة للتّحايلات الأخرى.
وفي هذا الإطار، فإنّ وزارة السّكن والعمران والمدينة تحرص كل الحرص على التخلص من هذا الملّف بشكل سريع، وهذا بالتّوازي مع الإجراءات الإستثنائية التي اتّخذتها في خضم هذه العملية، وهذا بعد إحصاء أكثر من ٩٧ ألف بناية غير مكتملة لم تسو وضعيتها، وقد شرع في دراسة أكثر من ١٥ ألف ملف، وينتظر الكثير من أصحاب هذه البنايات استلامهم لشهادات المطابقة في أقرب وقت بالرّغم من كل ذلك الضّغط.