بين الاصطدام والصدمة

سعيد بن عياد
25 سبتمبر 2016

أظهرت قنوات فضائية سعت للاستثمار الدعائي في معالجة غير دقيقة لحادثة اصطدام القطارين قصورا في تحري الدقة والتزام حد أدنى من المهنية، بحيث راحت بعضها لإذاعة سقوط قتلة وقدمت إحداها رقما خياليا مما أثار الفزع في نفوس المتبعين، ليتبين بعد أن زال الغبار أن هناك قتيلا واحدا تغمده الله برحمته والعشرات من الجرحى بخطورة متفاوتة. ضجيج إعلامي ولغط كلامي طبع تلك التغطيات في وقت كان يتطلب فيه أن يساهم كل طرف في تهدئة النفوس وتبين الحقيقة بدل السقوط في متاهات اللهث وراء الإثارة دون الاكتراث لانعكسات ترويج إشاعة وكلام غير مؤسس.
 أمام هكذا مواضيع تتطلب الدقة والأمانة من حيث معالجة الخبر دون التأثير في مضمونه بأي شكل من الأشكال يتأكد مرة أخرى مدى أهمية التزام قواعد المهنية وأخلاقياتها بما في ذلك احترام المتلقي بحيث لا يعقل أن يبدي حامل ميكروفون أو كاميرا تصوير ما يعتقد أنه خبر صحيح قبل أن يجتهد في الوصول إلى المصدر أو اعتماد رأي خبير مشهود له أو على الأقل الاكتفاء برصد شهادات من عين المكان دون الوقوع في حالة أشبه باستباق للأحداث المتوالية وكأن هناك تعطش للعثور على قتلى.
 ولأن الأحداث المؤلمة تحولت إلى جزء من يوميات المجتمع فإن مسؤولية الإعلام وخاصة السمعي البصري، الذي يخضع لضغط الوقت تتزايد، لذلك ينبغي الحذر حتى لا يتحول المشهد الإعلامي العام إلى سوق لتنافس غير نزيه بحثا عن نسبة أعلى للمشاهدة عن طريق ضخ للمعلومات أغلبها قيل وقال أو مجرد انطباعات لشخص أو تهيئات لآخر مقابل تسويق في تلك اللحظة الصادمة لومضات إشهارية تجارية لا صلة لها بالخبر المؤلم والحزين. وعلى الأقل من باب احترام المشاهد والضحايا أن لا تبث صفحات إشهارية وسط مواضيع من ذلك القبيل.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024