حوالي ٢٧ حيّا سكنيا جديدا و٥٢ مرفقا عموميا بمدينة سيدي عبد اللّـه سيكون على موعد مع تسمية لهذا القطب الإقامي بأبعاده الحضارية الضّاربة في أعماق تاريخ هذا البلد، وهذا يوم ١١ ديسمبر القادم بمناسبة المظاهرات الشّعبية التي عجّلت باستقلال الجزائر.
وتحرص اللّجنة المشتركة بين وزارات السكن والعمران والمدينة، المجاهدين والداخلية والجماعات المحلية بالإضافة إلى ولاية الجزائر، على اختيار دقيق لمرجعية الأسماء المقترحة على هذا الفضاء الحيوي، والتي لا تخرج عن نطاق شهداء المقاومة الشّعبية والثّورة التّحريرية والرّؤساء المتعاقبين، وأعضاء الحكومة المؤقّتة، وأصدقاء الجزائر الذين ناضلوا إلى جانب إخوانهم الجزائريّين.
وبهذا تكون هذه اللّجنة قد حدّدت بشكل واضح إطار عملها، والقائمة الحاملة لهؤلاء الأبناء البررة هي الآن في طور الإعداد، وتقرّر أن ترفع في لافتات ولوحات مثبتة في نهاية أكتوبر، كون العملية تتطلّب كثيرا من الهدوء المؤدّي إلى الاطّلاع الواسع على مسيرة الأشخاص المقترحين، إذ لا يكتفي معدّوها بتلك النّظرة التّقنية البحتة، وإنما تسند إلى شخصيات تاريخية معروفة عندنا، وهذا بإعطاء التّسمية زائد نبذة عن حياة المعني في مربّع رخامي حتى يطّلع السكان بالمنطقة، والمقدّر عددهم بـ ١٠ آلاف عائلة، على مسيرة الرّجال النّضالية لتبقى راسخة في أذهانهم.
بالإضافة إلى ذلك، علينا تفادي التّكرار وعدم الوقوع في الأخطاء كذلك، وهذا بإخضاع الأسماء إلى الاستشارة الواسعة، عندما يتعلّق بمعلومات تتطلّب المزيد من التّوضيح، وهذا أمر عادي لا يحمل خلفيات معيّنة.
ويأتي إطلاق هذه العملية على شوارع سيدي عبد اللّـه في إطار مواصلة إعادة تسمية المؤسّسات والأماكن بأسماء «رجال صدقوا ما عهدوا اللّـه عليه»، وهم الشّهداء الأبرار حتى تبقى ذاكرتهم راسخة في أذهاننا ووجداننا، وإلى يومنا هذا فإنّ رزنامة وزارة الداخلية والجماعات المحلية في هذا الشّأن عرفت تقدّما معتبرا عندما شرع في تطبيقها خلال الأشهر الماضية.
وهكذا فإنّنا نسجّل للأسف خلال الآونة الأخيرة عودة لتسميات لا صلة بهذا الوطن، مثبّتة على واجهات المحلات منها «ڤيوفيل»، «ميزون كاري»، «فوردولو» و»كاب ماتيفو»، وغيرها لا تعد ولا تحصى يمنع القانون منعا باتا تدوينها نظرا لمخالفتها للتّشريع المعمول به، لابد من دعوة أصحابها إلى نزع كل كتابة حول تسمية تذكّرنا بالاستعمار.
وفي هذا الإطار، لابد من التخلي عن تلك الأوصاف لأحياء باسم «حي ٢٠٠٠ مسكن» وغيرها من الأرقام، أو متوسطة «الحديد الصلب»، وجل هذه المنشآت تغيّر اسمها في الوقت الرّاهن وحلّت محلّها أسماء الشّهداء، وهذه الحالات الخاصة تعد بوصلة بالنّسبة للجنة الوزارية المشتركة قصد التحكم أكثر في هذا العمل وفق منظور صارم يعتمد على المقاربة الوطنية والانتماء الحضاري.
وتدرج كذلك في هذه المبادرة أصدقاء الجزائر، الذين وقفوا إلى جانب الثّورة قلبا وقالبا، وهذا تقديرا واعترافا لنضالهم وتضحياتهم، الكثير منهم توفّوا خلال هذه السّنوات، وما على هذا البلد إلاّ تكريمهم من خلال ربط أسمائهم بهذه الأرض.