إن الجدل الذي تعيشه المنظومة التربوية اليوم أكبر من أن يكون مطالب مادية للأساتذة أو أخطاء في الكتب المدرسية أو الاكتظاظ أو نجاعة الإصلاحات من عدمها فالمنظومة التربوية في الجزائر ومنذ الاستقلال لم يتم التوافق بين السياسيين والأسرة التربوية على استراتيجية وضع خارطة طريق لمدرسة جزائرية تراعي مختلف الخصوصيات التي تتميز بها الجزائر.
وبين التعليم الأصيل الذي دافع عنه الراحل مولود قاسم نايت بلقاسم وبين التعليم المتفتح على اللغات الأجنبية وخاصة الفرنسية الذي أمل الراحل مصطفى لشرف تطبيقه، وبين العربية كلغة وأداة لتدريس مختلف العلوم كلها قضايا كانت تخفي وراءها صراعات وحروب طاحنة جعلت المدرسة الجزائرية دائما في قلب الاعصار والتلاميذ وأجيال المستقبل هم الضحايا في كل مرة.
إن ما يحصل للوزيرة بن غبريت اليوم هو تحصيل حاصل للقطاع الذي لم يتخلص يوما من سلسلة الفضائح والمشاكل فهي تتحمل أوزار التبعات التاريخية للصراعات بين السياسيين والأسرة التربوية فهناك من يحاول فرض اللغة العربية واستعمالها في مختلف مناحي الحياة من أجل الرقي بها وتمكينها من مكانة عالمية، وهناك من يعتبر العربية لغة أو مادة تدرس دون الاعتماد عليها في تدريس مختلف العلوم الأخرى لأن التحولات العالمية تفرض التدريس باللغات الأجنبية خاصة المواد العلمية.
وما تجميد قانون اللغة العربية على مستوى البرلمان وحديث البعض عن ضغوطات خارجية في بداية التسعينات حول قانون التعريب، يؤكد بأن ما تعيشه اليوم بن غبريت ما هو إلا ثمن عدم التوافق على إصلاحات قطاع التربية التي زادت من حدة الانقسام بين الفاعلين في القطاع.
إن الدعوة لحوار وطني حول قطاع التربية والتوفيق بين مختف التيارات قد يكون بداية حل أزمة قطاع التربية التي لا يجب أن تستمر هكذا لأن مستقبل الأجيال القادمة سيكون على المحك.