في كل مرة تطفو إلى السطح فضيحة تسلخ جلد الموتى.. وتمرغ الأحياء في وحل الذات والملذات.. تغرد في متاهاتها.. كما تغرد الغربان على الميتة في العلياء.. ففي قواميسنا وأبجدياتنا تسمى الفضيحة فضيحة.. بعد كشف مستورها.. بفعل فاعل أو بمحض الصدفة.. وكلاهما أمران لعيب واحد وبرؤيتين مختلفتين تماما.. أو كما في روايات المؤامرة القصد والإيعاز.
ما يحدث في بيت التربية الوطنية كفيل بأن يطرح تساؤلات جوهرية.. أولها من المستفيد مما يحدث لكتاب الناشئة؟ وهل فعلا جيل المدرسة الجزائرية الحالية يستحق ما يحدث في حقه من انتكاسات وسقطات؟ كان الأجدر تصحيحها أو طمسها من الوجود عوض نشرها وجعلها ضمن الدروس النموذجية.
صحيح الوزارة أخطأت حين كلفت لجان القراءة بمتابعة وإعداد الدروس المبرمجة في الكتب المدرسية، وتغاضت الطرف عن مراجعتها.. وحذف ما يمكن حذفه من مواضيع لا تتلاءم مع سن أطفالنا ولا تتفق مع مبادئنا وتوجهاتنا الوطنية.. إذ نعتبرها من الخطوط الحمراء، بل أن التلميذ في هذه المرحلة هو في غنى عنها، إن لم أقل كان يمكن حذفها عوض تجسيدها في كتب مدرسية، لجيل يحفظ عن ظهر قلب كل ما تلتقطه عينه وكل ما يتلقاه من معلميه.
الكل مسؤول والجميع يملك مقدار الجرم والعقاب.. كل حسب مكانته والجميع مطالب بالإجابة عن ما حدث وما يحدث، لأن الأمر ليس بالهين.. خاصة في حق جيل مازال طلعه نضيدا ويافعا.. ذاكرته تستوعب وتخزن كل شيء.
لا أتحدث عن الفضيحة بقدر ما أتحدث عن المتسبب أو المتسببين في كل ما حدث.. ليبقى السكوت عنها جريمة، ليس في حق جيل فقط.. بل هو جريمة في ذاكرة أمة ناضلت من أجل تحقيق مصيرها ومصير الشعوب المستضعفة، فلا يعقل بأي حال من الأحوال، المساس بهذه المبادئ تحت أي طارئ أو أي ظرف مهما كان.. ولا تقبل أعذار أكبر شماتة من ذنوبها.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.