ينزل أعضاء المرصد الوطني للمرفق العمومي إلى الميدان لمعاينة سير المصالح الإدارية ذات الصلة الوثيقة بانشغالات المواطن في الجزائر العميقة وهذا مباشرة عقب دراسة التقرير المرحلي الأول قصد رفعه إلى الوزير الأول.
وهكذا ستكون عينات من الولايات المختارة على موعد لإطلاع مباشر لتقييم ما مدى التزام الجهات المسؤولة محليا بالإجراءات الصادرة في هذا الشأن، والقاضية بالسعي الحثيث من أجل عصرنة هذا القطاع وفق نظرة جديدة مخافة لسابقتها، تعتمد على ذهنية أخرى تؤمن إيمانا قاطعا بمفهوم الخدمة العمومية وديمومة المرفق.
وإلى غاية يومنا هذا، فإن كل الجهود المضنية المبذولة تصبّ في هذا الاتجاه، ألا وهي التوجه إلى المورد البشري ودعوته إلى مرافقة هذه القرارات وتطبيقها تطبيقا صارما بعيدا عن أي خلفية تذكر لأن عون الدولة في هذه المؤسسات القاعدية، يحميه القانون وكذلك وصايته فلا داعي إلى التردد أو التحفظ أو شيء من هذا القبيل، هذا الأمر طرحته علينا الإطارات المكلّفة بتسيير مصالح الحالة المدنية بالبلديات عندما يسجل أو يقع خطأ معين.
هذه الحالة محصورة في مجال ملموس وظاهر نظرا للضغط الذي يلاحظ يوميا في الجماعات المحلية، خاصة مع وجود أحيانا مرجعية وثائق تحتاج إلى التدقيق، فهل مثلا يحرر عقد الزواج من الدفتر العائلي أو من السجل الأصلي لإبعاد أي تزوير؟ نفس الشيء بالنسبة لأوراق مهمة جدا في الأحوال الشخصية.
لا نودّ الولوج في دقائق الأمور وما ذكرناه إنما هو ناجم عن سلسلة من التتابع الإداري الذي يصل إلى غاية المعني.. قد يعمل المرصد على الأخذ بها مستقبلا، لكن المهام المخولة له تفوق هذه التفاصيل كونه مطالبا بوضع سياسة لإصلاح الإدارة الجزائرية على ضوء ما وقف عليه في الواقع اليومي بالرغم من طابعه الإستشاري فهذه الصفة الممنوحة له لا تمنعه أبدا من إبداء الرأي الصائب القادر على إحداث تلك الوثبة في مرافقنا العمومية بكل أشكالها وطبيعتها، ولابد من التأكيد أن لقاء الحكومة الولاة في ٢٠١٥ حدّد بوضوح الفضاء الواجب النشاط فيه بالنسبة للجماعات المحلية وهذا بنقل صلاحيات الإدارة إلی الوالي، فيما يتعلّق بالقرارات الحاسمة كالاستثمار، العقار، لإنعاش التنمية بالشكل المطلوب.
هذا التوجه ينطبق على وزارات حاضرة في المرصد كالمالية الصناعية والمناجم، الطاقة، التجارة، السكن والعمران والمدينة، النقل، التربية، العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، الصحة، والبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومؤسسات أخرى.
هذه الدوائرالوزارية مدعوة أن تقدم إقتراحات عملية في هذا الإطار مبنية على مبدأ المرونة والبساطة أو بالأحرى التسهيل في إعداد الملفات أو التواصل مع هذه الجهات في نشاطها اليومي للقضاء على الاختلالات والنقائص وكذلك دراسة واقتراح تدابير لترقية حقوق مستعملي المرفق العام وهذا في الحماية والاستفادة.. مع إعداد كل الدراسات والآراء والمؤشرات والإحصائيات والمعلومات التي تتوجّه إلى إدخال تغييرات جذرية على آداء الإدارة.
وبالتوازي مع ذلك، فإن المرصد الوطني للمرفق العام، على دراية تامة وكاملة بالأولوية المعطاة أو المخصصة للعنصر البشري في هذا المسعى الراهن، وهذا من خلال التكفّل به من كل النواحي، خاصة ماله علاقة بالتكوين المتواصل لتحقيق الأهداف المسطرة في الوقت المناسب، بالرغم من العناية للجانب التقني.