وجهة نظر

كلـــمة في ميــزان

05 سبتمبر 2016

المتتبع لأحوال الجزائر، يظهر للعيان أنها تعيش  أوضاعا مزرية وأزمة تحرص على علاجها اعتمادا على استقلالية قرار دون اتكالية على الاخر، مما جعل المعارضة ونشطاء سياسيين، ينتقدون الوضع العام من جانبه السلبي دون التطرق إلى جانبه الإيجابي وتجاهل الجهود المبذولة في سبيل الارتقاء باداء دولة المؤسسات والبناء الديمقراطي.
وللإجابة  على ما يطرح، فيه جانب من السهولة لا يحتاج منا عناء أو بذل أي مجهود. ولعل احتجاجات المنظمات العمالية التي نشاهدها هنا وهناك التي تظهر في جوهرها شرعية ولكن تحمل  بين طياتها أبعادا تخدم  فئة المصالح المتخفية كالأشباح لا نراها بالعين المجردة.
في هذا السياق أقول لو تتبعنا المشهد السياسي في الجزائر، وحللناها تحليلا دقيقا وبدون  مزايدات لوصلنا إلى ما يلي:
محاولات عديدة لضرب استقرار الجزائر أو بالأحرى زعزعة ما تحقق وما انجز من سلم اجتماعي وامني كلها بالفشل الذريع، ولم تتمكن  هذه الأشباح  في مسعاها، خاصة في العشرية الحمراء، أين كانت الدولة منهارة انهيارا لم يشهد له تاريخ الجزائر قط.
ورغم ذلك تحدّت الدولة هذه الوضعية وتصدّت لها بعزم قوي، وانتصرت لنفسها ولشعبها وبقيت قائمة تواصل مهام البناء والانماء.
نعم لقد تحدّت الدولة الصعوبات وتجاوزت ما تروّجه خصوم ومعارضة على ثلاثة جبهات:
ــ جبهة / اتخذت العمل الارهابي لم ينساق الشعب وراء مغالطاتها وهو مستمر في التصدي لما بقي من هذه الجماعات.
ــ جبهة / اتخذت العمل السياسي داخليا  تلقي بسمومها وزرع الشك في أوساط المجتمع
ــ جبهة / اتخذت العمل السياسي خارج الوطن،  
وكانت تنادي بتدويل القضية الجزائرية على الصعيد الدولي لكنها فشلت مثلما فشلت محاولات سابقة.
ولكن محاولات هاته الجبهات الثلاث فشلت بخيبة أمل ضائعة، ولم تعد لها وجود أو معنى، دعاة حملات تشويه الواقع ومحاولة ضرب الاستقرار الوطني عبر كلٌ الحقب من تاريخ الجزائر المستقلة لم يستوعبوا الدروس ولم يفهموا أنٌ فشلهم يعود أساسا إلى فرضيتين لا ثالث لهما.
الفرضية الأولى: أنٌ هؤلاء الخصوم لم يكونوا أذكياء سياسيا، فانجروا وراء أوهام نسجت لهم  فاصطدموا بسراب يحسبه الظمئان ماءا.
الفرضية الثانية: أنٌ المؤسسة العسكرية كانت موحّدة ومتماسكة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا من جهة. ومن جهة أخرى، كان ذكاء  الخبراء السياسيين الذين سخٌروا لخدمة الجزائر يفوق بكثير على من كانوا يظنون أنفسهم أذكياء للاستيلاء على الحكم بطرق مشبوهة لجرٌ الجزائر وشعبها إلى ما لا يحمد عقباه ويجعلها «على شفى حفرة من النار».
وبناء على ما ذكرناه، ومن خلال هذين الفرضيتين، استنبط في تحليلاتي أنٌ ما يقوم به هؤلاء الخصوم  مجرد عبث لا غير. وتعليلهم الحالي بأن «الوضع ليس على ما يرام»، ولم يعد لها ما تقدمه للشعب، وهذا أيضا أضيفه إلى  شطحات وهذيان  لأن هذا الحكم يصدر أساس من الشعب دون سواه، فكلٌ المطالب الاحتجاجية التي عرفتها بلادنا منذ صعود رئيس الجمهورية على سدة الحكم سنة 1999، لم تكن من هذا القبيل، بل كانت مطالب اجتماعية بحتة، رغم نغمات المعارضة وقفزها على بعض النقائص والهفوات التي تعمل الهيئات المعنية على علاجها بالاصلاحات المتعددة الاوجه كان اخرها دستور 2016.
لو كانوا أذكياء هؤلاء الخصوم فعلا والذين يتحجّجون بأشياء كثيرة، لأدركوا عكس ما يطرحونه، وإلاُ كيف نفسر أوضاع دول أخرى أفضل منا اقتصاديا وسياسيا ولهم رؤساء يتمتعون بالدعم الدولي، ولكن انهارت بلادهم ودخلت في حروب أهلية، ونخروا هؤلاء الرؤساء كما ينخر الثور. ومقارنة بوضعنا، ورغم الحملات العديدة التي أطلقها أعداء الجزائر داخليا و خارجيا، فالدولة مازالت قائمة بمؤسستها والشعب يعيش في كنف الهدوء والطمأنينة، أليس هذا ما يثبت أنٌ للجزائر رجال قائمين على قدم وساق من أجل حماية الوطن هذه الدولة من أي خطر يؤدي به إلى الانهيار.
وعلى ضوء ما طرحناه، أسوق بشرى لهؤلاء الذين يسعون من أجل إدخال الجزائر في نفق مظلم، ولا استقرار مرة ثانية، لم يعد موجودا في قاموسها، ببساطة لأنُ الشعب بلغ من درجة الوعي تمنعه عن حمل الفأس ويحطّم أركان بيته بيده.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024