جزائر التحديات

فنيدس بن بلة
31 أوث 2016

 

وضع عبد المالك سلال، النقاط على الأحرف مطلعا المواطنين بحقائق الأشياء والظرف الصعب الذي تعيشه الجزائر، جراء تقلبات أسعار المحروقات، منهيا التضارب في الكلمات وحملة متمادية في الترويج لصورة نمطية أخرى، من أناس يسيرون على “قاعدة خالف تعرف”، ويرددون عبارات: “كل ليس على ما يرام”.
أعاد الوزير الأول، خلال زيارة عمل وتفقد لمشاريع مدرجة في برنامج رئيس الجمهورية إلى الأذهان، الجهود التي تبذل في الميدان ويحرص على تجسيدها بلا تردد ولا ملل. وهي جهود ما أنفك الرئيس بوتفليقة في اجتماعات مجلس الوزراء ينادي بها، معطيا تعليمات صارمة بضرورة إطلاع المواطن على أدق التفاصيل، ووضع الصورة الحقيقية أمامه بلا زيادة ولا نقصان، مشددا على إيصال الرسالة إلى مكونات المجتمع والأمة بما تحمله من حلاوة ومرارة دون تركهم يتيهون ويسقطون في دوائر الإشاعة السائرة عكس التيار.
ذكر سلال مطولا في رسالة غير مشفرة، بالتدابير المتخذة في سبيل مواجهة الظرف الاستثنائي، الذي عاشت الجزائر من قبل أصعب مراحله في أواسط الثمانينيات، لما هوى سعر الذهب الأسود إلى حدود 7 دولارات واستمر إلى سنوات. ذكر الوزير بهذه التدابير التي شكلت البديل الحتمي لخيار المحروقات، الذي سارت عليه البلاد ولم تتحرر من التبعية إليه من زمان، إلى درجة صار يهدد استقلالية قرارها السياسي وتوجهاتها الاقتصادية.
من تصريحات الوزير الأول، نستشف أن هذه الأزمة قد ولدت الهمة وفرضت نهجا آخر أكثر تجدرا وأكثر واقعية ورشادة، غايتها تعزيز الخيارات ببدائل قابلة للتحقيق وطروحات تشكل رؤية استشرافية تواجه الطارئ قبل وقوعه. تمنح الأمة حصانة أكبر من التحدي الآتي في زمن اضطرابات وتهديدات وتداعيات عالم القرية الهائج الباحث عن الاستقرار المؤجل إلى إشعار آخر.
حملت كلمات سلال وتصريحاته من سعيدة، خارطة طريق لجزائر قررت بعزم الخروج من الوضع الصعب بأقل التكاليف وأقوى الخيارات وأكثر القرارات نجاعة وفاعلية. من هذه القرارات، السير دوما على نهج الإصلاحات واللاتراجع عن الإنجازات والمكاسب التي تحققت بشق الأنفس، والبقاء وفية لخيارات ثابتة لا تقبل التنازل، منها دعم الجبهة الاجتماعية بصفتها أحد عوامل الاستقرار ومدخل للسلم والأمن، ومواصلة مسيرة البناء الاقتصادي وترقية المؤسسات بصفقتها خالقة الثروة والعمل والقيمة المضافة.
هذه الحركية الاقتصادية، التي تطبق بتقاسم وظيفي بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين الاقتصاديين المتمخضة عن قمم الثلاثية، تصب في خانة واحدة وحيدة: بناء جزائر التحدي التي تتخذ من الصعوبات قوة انطلاق في إقامة دولة مؤسسات، يشكل الاقتصاد الوجه الآخر للتطور، اعتمادا على استقلالية قرار دون اتكالية على وصفات الآخر وإملاءاته.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024