اجتاحت الساحة الفنية الوطنية مؤخرا، موجة جديدة من مغنيين شباب، لا تخلو ألبوماتهم من ألحان تحمل كلمات تافهة، تفتقد للذوق والأدب والقيم الجمالية، تدعو للانحراف والانحطاط الأخلاقي وتناول المخدرات وغيرها من الآفات التي تنخر اليوم الوسط الشباني.
هذه الموجة نجدها أكثر في طابعي الراي والراب، التي غزت الجيل الحالي، وأصبحت تنفث فيه سموما ورسائل تخدش الحياء بإيقاعات صاخبة، فزادته هما وغما، وأثرت بشكل سلبي على سلوكياته، التي أضحت أكثر انحرافا وميلا للعنف والتعصب وارتكاب الجرائم الأخلاقية.
ولم يتوقف الأمر عند الكلمات والألحان فقط، فحتى أسماءهم عجيبة عجب أغانيهم، فهذا اسمه ميمو وذاك تيتو وآخر بابي وتيتانيك وتيغر... يفتخرون بها دون خجل ولا حياء، وينادون أنفسهم بهتانا وزورا بالفنانين العصريين، في محاولة منهم للتغطية على مستواهم الضعيف وغناءهم الرديء وكلماتهم الركيكة، التي تصمّ الأذان وتسمّم العقول وتخرّب البيوت وتعوّج السلوك وتدمّر وتكسّر القلوب.
يبدو أن أصحاب هذه الموجة الغنائية، استغلوا الفراغ الذي يعيشه بعض الشباب، والمشاكل الاجتماعية التي تتخبط فيها هذه الفئة، لتسويق ألبوماتهم وملء مختلف الأماكن التي تحتضن حفلاتهم، وتحقيق شهرة ومبيعات قياسية على حساب جيل هو مستقبل البلد، غير مبالين بعواقب قُبح كلماتهم عليه، وتأثيراتها السلبية العميقة على تصرفاته.
هؤلاء المغنيون يستحقون فعلا لقب سفراء الفن الهابط، لأنهم بكل بساطة مسوا بأخلاق وأعراف وتقاليد وقيم المجتمع، وأساؤوا لأصالة الغناء والفن الجزائري، وتجاوزا الحدود والخطوط الحمراء، وهم بذلك يساهمون في تدمير الشباب، الذي هو في حاجة إلى رسائل فنية نبيلة تصلحه ولا تفسده، تشجعه ولا تفشله، تقويه ولا تحطمه، تحميه من الانحراف والآفات الاجتماعية لا أن تدعوه للإقبال عليها.