تتوالى نكسات وخيبات الرياضة الشبانية الوطنية في مختلف التظاهرات الإقليمية والقارية والعالمية، وتتوالى معها علامات الاستفهام حول دور وعمل المديريات الفنية بمختلف الاتحاديات الرياضية، ومدى جدية رؤساء الأندية في تطبيق سياسة التشبيب وانتهاج استراتيجية التكوين، التي تدعو إليها في كل مرة الوزارة الوصية.
آخر النكسات والخيبات، خروج المنتخب الأولمبي المبكر من دورة كرة القدم بالألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو 2016، وإقصاء منتخب أقل من 20 سنة من بطولة إفريقيا، ليتأكد مرة أخرى أن التكوين الذي يتغنى به رؤساء الأندية والاتحاديات، هو مجرد شعار يرفع لحاجة في نفس يعقوب، رغم القوانين التي سُنت والإمكانيات التي وُفّرت والبرامج التي سُطّرت من طرف وزارة الشباب والرياضة، وهي التي ألحت على إنشاء مراكز تكوين، وقامت بإنجاز مراكز تحضيرية للمنتخبات الوطنية بمعايير دولية، لكن لا هذا ولا ذاك غيّر من نظرة أغلب مسؤولي الاتحاديات والأندية، الذين يلهثون في كل موسم وراء لاعبين على مشارف “التقاعد” وتصرف عليهم الملايير، لو استغلت في تكوين الشبان لكانت نتائجها أفضل محليا ودوليا.
هذا التجاهل المفضوح لتكوين الشباب، جعل الرياضة الوطنية تتراجع من سنة لأخرى، ولم تستطع مقارعة حتى دول تقل إمكانياتها عن إمكانيات الجزائر أضعافا، ولولا اللاعبين والرياضيين المكونين بأندية أوروبية لما وصل مثلا “خضر” كرة القدم إلى هذا المستوى الذي بلغه منذ حوالي 6 سنوات، ليبقى الشاب الجزائري ينتظر ويترقب الدورات التكوينية التي تنظمها من حين لأخر بعض الأندية الأوروبية بالجزائر، لعله يحصل على فرصة لإبراز قدراته وإمكانياته.
فكم من شاب يريد تفجير طاقاته، وكم من شاب يحلم بتقديم الإضافة للمنتخبات الوطنية، وكم من شاب يسعى لصقل مواهبه، لكن السياسة العرجاء لرؤساء الأندية والاتحاديات، عطّلت قدراتهم، وحطّمت أحلامهم، وخيّبت آمالهم، وكسّرت فنياتهم، ونسفت مواهبهم. فأصبح اللاعب والرياضي المحلي محل لوم وتهجم، توجه له سهام الانتقادات من هنا وهناك، وهو الذي لم يحصل لا على تكوين محترف، ولا على دعم مناسب، ولا على تشجيع دائم، فبقي محدود الإمكانيات، ضعيف الفنيات، قليل التتويجات.
مادام هؤلاء الرؤساء يفكرون بمنطق “المهم المشاركة”، ولم يفهموا أن ليونيل ميسي ومايكل فيليبس ورافاييل نادال وغيرهم، خرجوا من مدارس تكوين محترفة، ستبقى الرياضة الوطنية الشبانية عاجزة عن خلق نجوم عالميين، والمنافسة على البطولات، ومسايرة التطور والاحتراف الحقيقي. ولن تنفع “مسكناتهم” و«مهدئاتهم” اليوم وغدا، في التغطية عن فشلهم وتسببهم في إعاقة كفاءات شبانية رياضية، كانت سترفع الراية الوطنية في مختلف المحافل الدولية.