ليس في كل مرة التاجر هو المتهم، فهو أيضا يوجه للمستهلك سلسلة من التجاوزات تدرج في قفص الاتهام، مثلا يقول صاحب دكان الحي أنه غالبا ما يواجه زبائن يقدمون ورقة 1000 أو 2000 دينار لاقتناء سلعة لا يتعدى سعرها 50 أو 100 دينار وأحيانا لدفع قيمة حبات حلوى، فيضطر إما للبحث عن “الصرف “ أو انتظار الدفع لاحقا، وهو ما لا يتم، ومن ثمة يتحمل خسارة لو تضرب في عدد 10 تكلفه الكثير.
المفروض أن الزبون رجلا أو امرأة يحتفظ دوما بمبلغ من النقود المعدنية (الصرف) لمواجهة متطلباته لدى التاجر فيكون بذلك محل تقدير ولا توجه له نظرات الشبهة والكلام الطويل الذي يتبعها.
حقيقة فقدت القطع المدنية الصغيرة (بوتيت موني) قيمتها في المعاملات التجارية وهو مؤشر سلبي في بلد يدخل اقتصاد السوق وتمارس فيه الحرية الاقتصادية، غير أن مافيا التجارة من كبار البارونات أفرغوا العملية التجارية من محتواها ويمثل فيها (الصرف) حلقة جوهرية بإدخالهم العمل التجاري في دوامة لا بداية ولا نهاية لها فاختلطت الأمور وضاع الميزان وسط الزحام.
مع ذلك التاجر الكيّس هو من يوفر له باستمرار كمية معتبرة من النقود بالقطع المعدنية ويحافظ على استعمالها وليس بإلزام الزبون باقتناء بعض الحلوى لتعويض فارق (الصرف) لعدم وجود قطع 1 و 2 و5 دنانير التي تمثل ملح التجارة وتحمي حق الزبون والتاجر معا، ذلك أن الأول يعيش بالثاني والعكس صحيح ومن ثمة لا يمكن إلا أن يتعايشوا وفقا لمعيار المصلحة المتبادلة والمتوازنة.