اعـذرينا.. أمـال

نورالدين لعراجي
07 أوث 2016

في الوقت الذي كنت بصدد تحرير مقالي بشأن زميلتنا الفقيدة أمال مرابطي كي تقاوم إصابتها وتعود إلينا بالخير.. في تلك اللحظات الحرجة كانت ابنة ڤالمة تصنع طريقا أزليا جديدا لها لم نألفه فيها أبدا، فلم تكن تلك الطفلة التي تسكنها، شمعة تضوي ما حولها بل أن تلك الإضاءة أفلت إلى حين غفلة في تلك اللحظة العصيبة، التي كنت أعانق فيها حروف مقالي المعنون بـ»أمال.. كوني بخير وعودي إلينا بالخير»، كانت حجرشاتها تتصاعد إلى عليين، فلم تبق الكلمات وحدها من تصنع وحي السماء، ولا الألسن تنطق بالكلام والبوح.
في تلك الدقائق القريبة من البليدة، كانت دقات قلبها تتوارى عن الأعين إلى الأبد، لم يعد في مقدورها الصمود والمقاومة.. لم يكن في وسعها التتشبث بالحياة وهي البرعمة التي مازال طلعها حالما بالنضج والعطاء.
في تلك اللحظات ونحن نطوي أوراق جريدة عدد الأحد، نعيد قراءة ما تضمنته، كنت قد طلبت من الزملاء والتقنيين أن يخصصوا في قلوبهم ثواني ولم لا دقائق يدعون لها بالشفاء والعودة إلى أحضاننا سالمة غانمة.. في هذه الأثناء كانت رغبة أمال مرابطي تضع خارطة طريق أزلية بينها وبين الحياة الدنيا.
تسقط ورقة عمرها في عمق متيجة المعطاءة، لتودعنا وهي في كامل النبوغ والحيوية، وقد وضعنا أخر اللمسات للعدد وإرساله إلى المطابع.. حتى ينزل علينا خبر الوفاة كالصاعقة ليتغير كل شيء في ثوان معدودات. الساعة كانت تشير إلى العاشرة والنصف، حينها الكل غادر الجريدة.
ولم يتبق في التحرير سوى العبد الضعيف وعوني الأمن صالح وعاشور، لأجد نفسي في صراع مع ليل بحجم التعب الذي لاحقني بعد يوم كامل بالجريدة. كان التعب لا يشبه إلا جبلا بحجم طور ولكن الإرادة كانت أكبر عندما بدأت في ترتيب الاتصالات مع الزملاء والتقنيين والعمال والسائقين مباشرة بعد تأكدي الخبر من شقيقها الذي هاتفته قبل مغادرتي الجريدة.
إلى مقامك الزكي حيث نومتك الأبدية.. كوني بخير أيضا لأنك ستظلين حية بيننا كلما ذكر اسم فلسطين وڤالمة والصحراء الغربية.
أعذرينا أمال إن قصرنا في حقك...
أعذرينا إن العين تدمع والأعمار تفنى، وخيالك سيبقى يرفرف إلى الأبد.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024