دقّت الجريمة النكراء التي استهدفت البراءة من خلال ما جرى للبرعمة نهال بإحدى قرى جبال جرجرة الباسلة ناقوس الخطر واستنفار الجهود من كافة الفاعلين في المجتمع بدءا من الأولياء بالحرص على أبنائهم ومتابعتهم في كل لحظة إلى المواطنين في الشارع بالتزام اليقظة المواطنية في مراقبة المحيط مرورا بالجهات المكلفة بحماية المجتمع بتفعيل الآليات ذات الصلة بالموضوع تناغما مع الإرادة الشعبية وانسجاما مع الالتزامات التشريعية المتعلقة بحماية وتنمية الطفولة التي سايرت جيلا بعد جيل كافة مراحل البناء في الجزائر.
وبالفعل اهتزت الضمائر على امتداد التراب الوطني وحتى بجاليتنا في المهجر لهول الفاجعة التي أفسدت يوميات صيف هادئ وعكرت مناخ الاطمئنان ليعود كابوس اختطاف الأطفال والتنكيل بهم باعتداءات دنيئة لا تمت بصلة لمجتمعنا، غير أنه بالمقابل جسدت روح الطفلة المغدور بها بكل ما ترمز إليه من صفاء وتفاؤل وثقة عمياء في المحيط القريب والبعيد لوحة تضامن وطني عفوي واسع مطبوعة بتأثر عميق عنوانها أن لا مجال للمساس بالطفولة تحت أي ذريعة كانت وأن الدولة ستضرب في ظل الهدوء وبروح المسؤولية بقوة القانون دون الالتفات لما يعتقد البعض أنه يكبل الإرادة أو يؤثر في القرار السيادي وذلك لزجر من وراء هذه الممارسات الغريبة عن شعبنا وكل من تورط فيها، اعتبارا أن آخر العلاج الكي.
وبالموازاة مع مواصلة التحريات المعمقة التي تسهر على إنجازها مصالح مختصة تحت إشراف السلطة القضائية، لن تترك صغيرة و كبيرة لإظهار الحقيقة كاملة وفاء للطفلة الفقيدة ولغيرها ممن سقطوا فريسة بين أيدي شرذمة من المرضى الذين يتربصون بالبراءة لزهق أرواحهم وانتهاك حرمتهم الجسدية والنفسية مستغلين اتساع نطاق الحريات وحقوق الإنسان التي تمارس بشكل طبيعي بضمانات قانونية وقضائية لا يمكن أن يتمترس وراءها منتهكو حقوق الإنسان من حلقتها الضعيفة وهي الطفولة التي تخصها الدولة انطلاقا من مشاركة أطفال الجزائر في الثورة التحريرية وتواجدها دوما في طليعة الهتاف بحياة الجزائر وتحمل قيم التضامن وفعل الخير بعناية متميزة يجب أن تتبع بتفعيل إجراءات حمايتها.
وحتى لا تدرج الجريمة ضمن قائمة الملفات الشبيهة فإنه من المفيد على الأقل على الصعيد الاجتماعي أن يسجل كل واحد فردا كان أو هيئة وقفة مع الذات انطلاقا من الحسّ المدني وروح المواطنة لإعادة بناء منظومة للوقاية والإنذار المبكر حتى يتسنى للجهات المخولة قانونا بممارسة السلطة العمومية الشرعية التحرك بفعالية وفي زمن قياسي قصد منع الجريمة أو الحد منها، وذلك بتنمية ثقافة التواصل مع المؤسسات المختصة بالشأن وترقية سلوك المواطن ليكون شريكا في تعزيز المنظومة الأمنية تماما كما يتصرف به المواطن في المجتمعات المتقدمة، حيث أن أمن الإنسان من أمن المجتمع الذي لا يمكنه قبول تبريرات غير مؤسسة، ذلك أن الطفل أولى بحقوق الإنسان وسلامته خط أحمر.
وطبيعي جدا أن يتم التصدي لهذه الآفة بكل الحزم والصرامة من خلال الأدوات القانونية الشرعية التي يمنحها القانون كل الصلاحيات والاختصاصات، بل يكلفها بشكل واضح بتفعيلها بكل احترافية ضمن مسار دولة القانون لضمان حقوق الأفراد وحمايتهم من كل أذى، ومن ثمة لن تذهب روح نهال ومن سبقها من قبل أمثال هارون ورشيد، أنيس، ياسر، سندس، شيماء وغيرهم ممن وضعوا ثقتهم في مجتمع تتخفى بين مواطنيه وحوش بشرية لا يردعها سوى العقاب المناسب لأفعالها وفقا لما عبرت عنه إرادة الشعب، حتى يقطع دابر فسادهم وتتكرس الطمأنينة في النفوس فتواصل البلاد في ظل المصالحة الوطنية وسلطان القانون مسيرتها في معركة التنمية التي تحتاج لقوة كل طفل لما يصبح رجلا، ذلك أن الطفولة ثروة يجب الحفاظ عليها ذخرا للجزائر.