حسم مجلس الوزراء في أول اجتماع له بعد التعديل الحكومي لشهر جوان الماضي، في ملف ظل محل الاهتمام والتحليل، مثيرا التساؤل عن كيفية تحديد النص القانوني الذي جاء به دستور 2016، متوجا للإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.
ظل هذا الملف محل جدل يتناوله أهل الاختصاص السياسي وفقهاء القانوني في بلاطوهات التلفزيونات، إلى درجة أن بعضهم سبق الحدث وصار يعطي أحكاما وتأويلات معاكسة للواقع، لروح الإصلاحات التي تصب في تعزيز دولة المؤسسات والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية.
حسم مجلس الوزراء في مناقشته والمصادقة على جملة من القوانين في مشروع قانون تمهيدي يحدد قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، التي تشترط حتما الجنسية الجزائرية دون سواها وتفرض جملة من المقاييس لا تسمح بالقفز عليها أو الاستخفاف بمعاييرها.
إنها مسؤوليات ووظائف تمس مؤسسات سيادية حساسة يتصدرها رئيسا البرلمان بغرفتيه العليا والسفلى، رئيس المجلس الدستوري الذي يتابع مدى احترام القوانين ويأخذ في الاعتبار الأخطار والرد عليها. يضاف إليها مناصب الوزير الأول الذي يتولى مهام تطبيق خطة العمل الحكومية وكذا أعضاء الحكومة ورئيسي المحكمة العليا ومجلس الدولة، محافظ بنك الجزائر الذي يحرص على إعطاء المؤشرات الاقتصادية الاجتماعية حق توجهاتها واتخاذ التدابير الاحترازية التي تحول دون وقوع أزمة في قيمة العملة الوطنية وتداعياتها الخطيرة على استقرار المنظومة المصرفية في محيط سريع التطور والاضطراب يفرض رؤية استشرافية لبنك الجزائر وتحاليل آنية وقائية تحول دون حدوث أي خلل واختلال.
وضع مجلس الوزراء خطوطا حمراء في استلام مهام ووظائف سيادية أخرى في مؤسسات حساسة، مشترطا الجنسية الجزائرية أولا وأبدا. وتخص أجهزة الأمن ورئاسة الهيئة المستقلة للانتخابات التي منحت الدستور المعدل صلاحيات موسعة في مجال المراقبة.
تسمح لها بتأدية وظيفتها على أكمل وجه وتمنحها ثقة ومصداقية تزيل الصورة النمطية المرسخة لدى بعض التنظيمات والتشكيلات الحزبية، التي لم تأخذ في الحسبان المتغير في المعادلة السياسية وما تحرص عليه الإصلاحات من تدابير تمنح الاقتراع صفة الشفافية والنزاهة، محتمة على الطبقة السياسية التجاوب مع هذه الصيرورة والكف عن التشكيك في كل شيء والدعاء بقاء الوضع على حالته.
حسم مجلس الوزراء في القانون التمهيدي، مشددا على الجنسية الجزائرية لمن يتولى مهام ووظائف في وزارة الدفاع والجيش.. كلها مهام قابلة للتوسع إلى مجالات حيوية عسكرية تقر بمرسوم رئاسي.
والجديد في هذا الإجراء الذي حرص عليه رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، تساوي جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة الجزائرية. وكررها في تعليمة باعتبارها إحدى المقومات الكبرى في مراجعة تعديل الدستور وحلقتها المفصلية وخارطة طريق لجزائر اليوم والغد وما تضمنه من استقرار منشود في مستقبلها السياسي.