تـبرير ما لا يـبرر

نورالدين لعراجي
26 جويلية 2016

أعلنت بعض الأوساط الأمنية الأجنبية في تقاريرها على أن الشخصين اللذين قاما بتنفيذ هجمات نيس وميونيخ، التونسي والإيراني على التوالي مختلين عقليا ويتعاطيان الأدوية والحبوب المهلوسة، وبقي التحفظ فيما يخص عملية سانت ايتيان إلى غاية الوصول إلى معرفة حقيقية تناول منفذيها الحبوب المهلوسة من عدمه ؟ رغم تبني تنظيم «داعش» الإرهابي العملية، وهو الدافع وراء همجيتهما واغتيال الأبرياء وإزهاق الأرواح.
بالعودة إلى ما نراه ونعيشه عبر تقارير الدوائر الأمنية المختلفة، فإن مئات الاعتقالات يوميا ضد هؤلاء الذين  يستهلكون ويبيعون هذه السموم ويروجونها، وإنابات قضائية ومتابعات لا حصر لها، إلا أنها لا تتعدى أن يبلغ الاستهلاك ذروة القتل والجهنمية التكفيرية، ليكون العقاب من جنس الفعل ومطابق للجزاء.
فهل يعني هذا تبرير الجرم والاغتيال وعدم تصنيفه في إطار الجريمة، عكس ما توصف به الجماعات الإرهابية الأخرى في باقي الأقطار؟ أم أن الأمر يتعلق بمواطنين يحملان الجنسية الفرنسية والألمانية، لذلك وجب في حقهما التحفظ لإسقاط التهمة.. حتى وإن كانت جذورهما عربية والأخرى من بلاد الفرس، فإذا كان الاعتقاد هذا هو الفارق بين تصنيفات الإرهابيين، فماذا لو قام شباب يستهلك المهلوسات المهدئة عن طريق وصفة طبية شرعية بنفس الجرم وما أكثرهم في مجتمعاتنا العربية نتيجة الظروف الاجتماعية الراهنة، فهل سيكون في حقهم نفس شاكلة التبرير؟، أم أنهم «دواعش» إرهابية موقوتة يجب استئصالها من وجه الخريطة وهو الحال الذي عشناه سنوات الإرهاب وما تعيشه المنطقة العربية اليوم.
ماذا ننتظر من منظومة تكفيرية إرهابية المنتمون إليها مجانين فاقدين العقل، وفي تراثنا الإسلامي مرفوع عنهم الحرج الأصغر والأكبر إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود.
ما تعاني منه المجتمعات الغربية المصابة بعدوى الإرهاب، جميعها إفرازات لتراكمات عمرت طويلا بين أحضان الأفكار السلفية الجهادية والوهابية الخانقة للحريات، لذلك لا ضرورة من التعجب أن تكون التصرفات لا تخرج عن «داعشية» غريبة، استطاعت أن تنفذ في الأقطار والأمصار العربية بشكل سريع وقاتل.
ليس هناك أي تفسير لما تقوم به هذه الطوائف والجماعات وليس أمامها أي تبرير تجاه هذه الأفعال من سفك الدماء، وإزهاق الأرواح البريئة، وإقامة الحدود التي ما أنزل الله بها من سلطان، والنفوذ إلى داخل المجتمعات  في أحيائها الشعبية وتفريخ أفكارها بين أحضانها، ليس سهوا ولا لغوا، ولكنه السحر الذي راهن عليه الساحر فانقلب على عقبيه.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024