تثير عملية توجيه وتسجيل الطلبة الجدد وفقا لاختياراتهم انشغال وترقب المعنيين في ظل قلة المعلومات حول آليات ومعايير العملية التي تتم على المستوى المركزي، وهي معاناة أخرى تضاف للمعاناة خلال اجتياز امتحانات البكالوريا في وقت حاول فيه وزير القطاع طمأنة الناجحين دون توضيح لمدى الضمانات التي تحمي حقوق الطلبة ومنع أي تلاعب محتمل يتم على حساب أصحاب الحق. وأمام مثل هذه الوضعية يكون من الضروري إحاطة العملية بكافة ضمانات الشفافية حماية لقيمة الحق والإنصاف ومنعا لممارسات لطالما أضرت بالجامعة وقلبت الموازين مما أنتج ما يعرفه العام والخاص من احتكار بعض التخصصات وتحويل أخرى لنوادي مغلقة.
غير أن ما أشار إليه الوزير الطاهر حجار مؤخرا بخصوص معايير التوجيه تحمل ضبابية وتثير أكثر من سؤال، بحيث ذكر أن ما يحسم العملية يتمثل في المعدل والأماكن والإقامة (المعيار الجغرافي) وعي معايير تفتقر للدقة وقد تفتح المجال لاجتهادات يتسرب من خلالها أصحاب الوساطة والتدخلات مما يلحق ضررا كبيرا بجانب النزاهة في توجيه الطلبة في وقت لم يتوقف فيه الوزير الأول عن التأكيد على اعتماد معيار الكفاءة والاستحقاق في مثل هذه العملية لرد الاعتبار للجامعة وتنمية ثقافة العمل والتحصيل بعيدا عن أي تمييز اجتماعي أو خضوع لضغوطات وألاعيب أصحاب نفوذ وغيرهم ممن كسروا سلم القيم.
ومن اجل الحفاظ على نزاهة عملية التوجيه فانه من الواجب أن يتم إتباعها بنشر قوائم الطلبة بالمعدلات حسب كل اختصاص ومعهد أو مدرسة، ولا يكتفي بمجرد إعلان الحد الأدنى للمعدلات المعتمدة علما أن الكمبيوتر لا يتصرف لوحده، إنما غالبا ما يخضع لمشرف عليه خاصة إذا كان فردا يفتقر لأخلاقيات مثل هذا العمل الذي يتحدد على نتائجه مصير وأحلام الكثيرين ممن اجتهدوا وبذلوا والتزموا بقواعد العمل والمثابرة ويضعون كامل ثقتهم في المرفق العام خاصة الجامعة التي ينتظر منها أن تساهم في إعادة تصحيح التوازنات العامة في المجتمع لمواجهة كافة التحديات الراهنة والمستقبلية.
وتتحمل إدارة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي مسؤولية كبيرة في تامين عملية التوجيه الجامعي التي ينبغي أن تضبطها معايير موضوعية أبرزها المعدلات المندمجة دون السقوط في التوزيع الكمي دون مراعاة الميولات الموضوعية للطالب حتى لا يفقد كل ذلك المسار العلمي والتطلعات المشروعة من مضمونها، في وقت تتطلع فيه البلاد وفقا للمسار الذي رسمه الرئيس بوتفليقة للارتقاء بالموارد البشرية لتكون القاطرة التي تدفع بالمجتمع بكافة مكوناته إلى الأمام لمواكبة البلدان المتقدمة التي يعود مصدر قوتها في العلوم والمعارف العلمية إلى اعتنائها بالقدرات وحمايتها من أي تجاوزات مهما كان مصدرها.