لست أدري من أين أبدأها، تلك التي أنغصت نوم المارقين، وأيقظت صياح الديك، ذئب يعوي من أقصى الضفة يحاول تقليد نباح الكلاب الضالة، فنسي ذيله القصير فصار يهذي كالذي تتخطفه الطير في ليلة مرعبة.
خرجة «صن - صال» حول ما حدث في مدينة نيس الفرنسية، واصفا الهجمة الإرهابية إياها مثل ما كان يقوم به فدائيو جبهة التحرير الوطني ضد مستعمر ظالم في معركة الجزائر، حيث كانت فاصلة بين الحق والباطل، ولا وجه للمقارنة فيها بين الحدثين ولا يمكن الجمع بينهما إطلاقا، لم نستغربها في مجملها، كما لم نستغرب دفاعه المستميت عن غربة اللغة في كتاباته، ولن يحرك من وقفتنا وذاكرتنا واعتزازنا بثورة الفاتح من نوفمبر، أي شيء ناهيك عن بسالة مجاهدينا وتضحيات الشهداء التي لم تهزها الغطرسة قيد أنملة.
خرجات المعتوهين أين ما كانوا، وحيث ما وجدوا تتشابه في بعضها فهي مأجورة على طول الخط، ولا يمكنها الاستغناء عن عوائها، منذ أن فتحت لهم «الأمة فافا» أبواب المجد، فقد سبق وأن شبه هذا المعتوه ثورة التحرير المباركة بالنازية، وسبق له أيضا أن رافع للتطبيع مع الكيان الصهيوني في إحدى رواياته، ووصل به الأمر إلى الدفاع عن الحركة والأقدام السوداء، ووقف في صفهم، معتبرا خيانتهم ماض يجب محوه.
لقد اختار أشباه الضلامية التخندق في جهة المغضوب عليهم، لما لبى هذا الأخير زيارة القدس بدعوة من اللوبي اليهودي في الوقت الذي كانت فيه غزة تشيع جثامين شهدائها، ولم ينطق ببنت شفة، واختار الرضوخ للاملاءات والايعازات الفرنسية حتى يكون كاتبا تحت الطلب، كلما تعلق الأمر بموعد هام يربط البلدين، فمن العار وضع ثورة خاضها الأشاوس في المدن، في نفس كفة عمليات إجرامية إرهابية ضد الأبرياء والعزل، لا تمثل الشعوب ولا الأوطان، بل مجرد أفكار ظلامية منطلقها الجهل وتكفير الأخر، وشتان بين من يدافع عن الأرض والعرض، ينتظران يكون المثل الأعلى وصوت الشعوب المحبة للسلام، وبين متعطش للدماء يكتب عنه هؤلاء ويصنفون جنونه وداعشيته في خانة المجد.