بعودة الفوج الأول من المكون السياسي والمدني لبعثة المينورسو إلى الأراضي الصحراوية، تكون الحكومة المغربية قد خسرت رهان إفراغ هذه البعثة من محتواها وتحويلها إلى مجرد بعثة من العسكريين مهمتها ضمان وقف إطلاق النار بينها وبين جبهة البوليساريو، في حين أن الهدف من إنشاء بعثة الأمم المتحدة لإجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية المعروفة اختصارا بـ«مينورسو” هي تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة هذا الحق برعاية الأمم المتحدة وهذا وفق ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع سنة 1991 .
اليوم وبعد مرور 25 سنة على هذا الاتفاق لازال المخزن يعمل الممكن والمستحيل من أجل التملص من التزاماته الدولية والأممية المتعلقة بإيجاد حل سياسي سلمي لمعضلة الصحراء الغربية عبر مفاوضات جادة ترعاها الأمم المتحدة ولقد شاهد العالم أجمع كيف ثارت ثائرة الدبلوماسية المغربية لدى زيارة الأمين العام الأممي إلى المنطقة بداية شهر مارس الماضي ووقوفه على المآسي التي يعيشها الشعب الصحراوي في الأراضي المحررة و في المخيمات وكيف أن هذه الأخيرة ضربت بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية عرض الحائط وحاولت تحويل الأنظار عن لب القضية من خلال افتعال خصوم وهميين وفي مقدمتهما الأمين العام الأممي السيد بان كي مون الذي تعرض لهجمة شرسة لأنه قام فقط بعمله وفق ما تخول إياه عهدته الأممية وكذا الجزائر التي نالت في كل مرة نصيبها من التهم والشتائم من الجار الغربي عبر وسائل إعلامه كلما تحرز فيه القضية الصحراوية أي تقدم، وهي مناورات لم تعد تنطلي على أحد هدفها الهروب إلى الأمام وعدم مواجهة الحقيقة المتمثلة في العودة إلى طاولة المفاوضات لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بكل حرية.
إن تزامن عودة المكون السياسي والمدني لبعثة المينورسو واستئناف أفرادها لمهامهم بداية من نهاية الأسبوع الماضي من جهة وانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية العربية الصحراوية، الأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي من جهة أخرى، هي إشارات توحي باجتماع كل ظروف عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات خاصة وأن الأمم المتحدة أبدت تصميما غير مسبوق على إنهاء هذا النزاع الذي طال أمده ولم يبق اليوم أمام المخزن من خيار إلا الامتثال للشرعية الدولية، فبعودة أفراد بعثة المينورسو - الذين طردهم وأقسم بأغلظ الإيمان أنهم لن يسمح بعودتهم - يكون قد خسر آخر الأوراق التي راهن عليها لإجهاض استفتاء تقرير المصير.