أثبت الشعب الصحراوي أنه يستحق الاحترام ويجبرك على الوقوف إلى جانبه في معركته المستمرة من أجل استرداد سيادته على أرضه ولا أقول استعادة كرامته، لأنه لم يفقدها يوما حتى يستردها وهذه من المغالطات الاستعمارية المسمومة.
كل السيناريوهات القاتمة التي راهن عليها الكثير من المغرضين والمشككين، بعد موت الرئيس الراحل محمد عبد العزيز، سقطت في الماء فلم تنشب - كما توهموا- نزاعات الاستخلاف بين قادة البوليساريو، بل على النقيض من ذلك تماما التزم الجميع بدستور الجمهورية العربية الصحراوية فيما يخص التعامل مع حالة شغور منصب رئيس الجمهورية والأمين العام لجبهة البوليساريو، ووفق هذا القانون الأساسي للجمهورية العربية الصحراوية، فصل المؤتمر الاستثنائي للجبهة المنعقد يومي الخميس والجمعة في هوية الزعيم الصحراوي الجديد، وصوت المؤتمرون بالأغلبية على شخص إبراهيم غالي خلفا للراحل محمد عبد العزيز، ولم يكن هذا الخيار مفاجئا للكثيرين بحكم الوزن النضالي، العسكري والسياسي لهذا الرجل الذي شغل منصب أول أمين عام لجبهة البوليساريو عند تأسيسها سنة 1973.
الرئيس المنتخب للجمهورية العربية الصحراوية وللأمانة العامة لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، قدم في خطابه الذي ألقاه مباشرة بعد صدور نتائج الانتخابات، الخطوط العريضة للسياسات التي سينتهجها والتي لم تخرج في مجملها عن النهج الذي اتبعه سلفه المرحوم محمد عبد العزيز كما لم تكن خارج التطلعات المشروعة للشعب الصحراوي، المتمثلة في تمكينه من تقرير مصيره بكل حرية والاحتفاظ بالحق في الحصول على استقلاله بكل الوسائل المتاحة ومنها الكفاح المسلح كملاذ أخير في حال استمر المجتمع الدولي وهيئة الأمم في سياسات التصفيق للظلم والعدوان وإدارة الظهر للحقوق المشروعة للشعب الصحراوي، الذي نفذ صبره من سياسات التسويف والمماطلة، والتي بسببها يرى حقه المشروع في استفتاء تقرير المصير يتأخر بنصف قرن كامل، ولكن رغم ذلك عبّر إبراهيم غالي عن التزام الشعب الصحراوي بالنهج السلمي والتمسك بالحوار مع المغرب لحل القضية الصحراوية، ما يؤكد مرة أخرى مدى روح المسؤولية التي يتمتع بها الشعب الصحراوي وقياداته ويكفيه شرفا أنه قدم للمجتمع الدولي كله درسا في الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، مؤكدا أن دولة المؤسسات والقانون التي بناها على مدار أربعين سنة لم تكن مجرد وهم أو دولة تختصر في أشخاص ورموز تزول بزوالهم.