لم يكن عنوان هذه الأغنية الشهيرة للمطرب الحاج محمد العنقى، إلا تعبير عن شعور جمعي لكل الشعب الجزائري وأحاسيس عكست ارتياح هذا الأخير للتخلص من طغمة استعمارية ظالمة، وما رافقها من صفحات مظلمة من التعذيب والتصفيات الجسدية عبر مجازر وممارسات لا مكان فيها للإنسانية، لا يضاهيها إلا ممارسات النازيين والفاشيين.
نعم إنها عبارة تعكس مدى الاستراحة الجماعية التي شعر بها الشعب الجزائري وهو يرى أمنيته في الاستقلال تتحقق، بفضل قوافل الشهداء الذين سقطوا من أجل هذا اليوم المشهود، الذي توج مسيرة سبع سنوات من الكفاح المسلح ضد أعتى قوة استعمارية مدعومة من الحلف الأطلسي، ضد شعب أعزل لم يترك أمامه إلا خيارين وهما إما الاستشهاد أو النصر فأخذ من الأولى نصيبا وفاز بالثانية وكان النصر نصرا مؤزرا واستطاع أن يجبر الحكومة الفرنسية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات واللجوء إلى استفتاء تقرير المصير، وهو الخيار الذي حفظ لفرنسا ماء الوجه وحاولت من خلاله أن تعطي الانطباع أنها احترمت إرادة شعب، في حين أن ذلك لم يكن له وجود في القاموس الفرنسي عبر 132 سنة، كانت ترى فيها الشعب الجزائري مجرد أهالي لا يستحقون حتى حق البقاء على قيد الحياة، ليتأكد أن لغة الرصاص هي الوحيدة التي أفهمت فرنسا الاستعمارية، أنه لم يعد لها مكان في أرض الجزائر وأنه آن الأوان لكي تنسحب من بلاد استنزفتها لأكثر من قرن ولشعب كادت أن تؤدي إلى انقراض سلالته بسبب عمليات الإبادة الجماعية التي كانت سياسات رسمية مارستها وباركتها كل الحكومات الاستعمارية المتعاقبة.
اليوم وبعد 54 سنة من الاستقلال تبقى الجزائر غير محصنة بالشكل الكافي من التهديدات المحدقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهذا يدعونا جميعا إلى التفكير في مواطن الاختلال والنقص والعمل على تداركها بإشراك الجميع، وخاصة الشباب الذي يحتاج إلى مشروع وطني حقيقي لنعيد إليه الأمل ونرمم لديه روح الانتماء والالتزام بالواجب نحو الوطن، وهذا هو الاستثمار الحقيقي الذي يجب أن تقوم به دولة الاستقلال حتى تكون في مستوى رسالة نوفمبر إذا أردنا تماسك الحلقات بعضها ببعض وحينها فقط يمكننا القول «الحمد لله ما ابقاش استعمار ولا أمل له في بلادنا».
