جاءت الشهادة التي أدلى بها الأب جون بيار شوماخر، أحد الناجين من مذبحة رهبان تيبحيرين، لمجلة «جون أفريك» ونقلها الموقع الإلكتروني «ألجيري باتريوتيك»، لتدحض نهائيا مناورة «من يقتل من؟» التي راهنت عليها الجماعات الإرهابية ورؤوسها المدبرة والمنظرة لتقتيل الجزائريين لزرع البلبلة والارتباك وسط هذا الشعب وإنقاذ المشروع الإرهابي الدموي في الجزائر، في الوقت الذي تأكدت أن مآله الفشل وأنه لن يتمكن من إسقاط الدولة أمام الضربات القاسية للجيش الوطني الشعبي والمقاومة الشعبية لهذا السرطان الخبيث.
إن التفاصيل التي أوردها هذا الأب، الذي كان ضمن الرهبان التسعة المقيمين في كنيسة تيبحيرين بولاية المدية سنة 1996، أي ليلة اختطاف رهبان تيبحيرين من قبل عناصر «الجيا»، حيث يروي هذا الأخير – الذي كان يشتغل بوابا بالدير - أنه في ليلة 27 مارس 1996 على الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وبينما كان نائما في غرفته، استيقظ على وقع حركة وأصوات أمام الباب الرئيسي للدير، مؤكدا أنه أغلقه بإحكام واعتقد حينها أن الإرهابيين جاؤوا لأخذ الأب جون لوك (طبيب الدير) مجددا لمعالجة أحد جرحاهم، وكانوا قبلها بأسبوع طلبوا منه مرافقتهم لمعالجة أحد العناصر، لكنه أخبرهم أنه لا يستطيع المشي مطولا بسبب إصابته بالربو – أضاف المتحدث - الذي قال إنه في الأثناء سمع الحوار الذي دار بين حارس الدير المدعو محمد الذي يسكن بالقرب الطريق وتم اقتياده من منزله من قبل العناصر الإرهابية وإجباره على فتح كل الأبواب من أجل الدخول إلى الدير. وأضاف هذا الراهب، أنه سمع خلال ذلك الحوار، أحد الإرهابيين يقول للحارس إن عدد الرهبان المتواجدين بالداخل عددهم 7، فاكتفى الأخير - قبل أن يتمكن من الإفلات من قبضة أولئك الدمويين في لحظة محاولتهم قتله - بالرد بنعم ولم يعط عددنا الحقيقي للإرهابي، بينما كان عددنا تسعة.
الأب شوماخر قال في شهادته، إنه تم بعد ذلك اقتحام الكنيسة وتم اختطاف زملائه واحدا تلو الآخر واقتيادهم من طرف تلك المجموعة الإرهابية إلى مكان مجهول، بينما لم ينتبهوا لوجوده وزميله الأب أميدي وضيف الذي كان من ضيوف الكنيسة وهذا رغم أنهم اقتحموا الكنيسة وفتشوا كل الغرف.
إن هذه التفاصيل، تثبت أن الذين قاموا بهذا العمل ضد أبرياء متعبدين في دورهم لا تدع مجالا للشك ولا للتأويلات المغرضة حول هوية الطرف الذي قام بهذه الجريمة النكراء وأن هذه الشهادة هي هزيمة أخرى لمروجي مقولة «من يقتل من؟» والتي راهنت عليها أطراف معروفة لإنعاش الإرهاب الدموي في الجزائر، من خلال بث الريبة والشك وزعزعة الثقة بين الشعب وجيشه، بعدما أدركوا أنهما على قلب رجل واحد ضد آفة الإرهاب، وأن تلك الخطة الجهنمية الدولية التي شاركت فيها الكثير من الدول، فشلت ولم تستطع تركيع الجزائر ولم تستطع تحقيق رواية الحرب الأهلية على أرض الواقع بعدها وهي الرواية التي روجت لها الكثير من الأبواق الإعلامية ولاتزال، في حين أن الذي شهدته الجزائر لم تكن حربا أهلية، إنما حرب شعب ضد الإرهاب الدولي وأذرعه الإقليمية.