في سابقة غير منتظرة صنع الإنجليز فارق خروجهم من قوقعة الاتحاد الأوروبي، يودعون بذلك عش العملة الموحدة والكيان الواحد اللذين صنعا مجد بعضهم، وأخفى الكثير من عيوب الآخرين إلى الأبد، الخرجة الإنجليزية عبر الاستفتاء الشعبي بقدر ما كانت فرجة للمملكة التاج في استعادة بريقها المعهود، إلا أنها أيضا تضع أمامنا الكثير من الأسئلة والاستفهامات حول مصير بقية الدولة التي كانت تستظل وتحتمي تحت رداء الاتحاد الأوروبي، ليس كوعاء اقتصادي بمعنى الكلمة، إنما في ظل تكتلات تشبه الكارتل بالنسبة إليها.
ما يعني أن الإفرازات القادمة والتداعيات ستكون وخيمة عليها، خاصة فرنسا، الأكثر تضررا لهذا القرار المنتظر والمفاجئ بحكم عدة روابط متعددة المجالات والميادين، مما سيؤثر بشكل سلبي ومتدهور على منظومتها الاقتصادية في ظل عدم وجود اتفاق مسبق للتبادل الحر.
تخوفات عديدة من عواقب هذا الانسحاب، وخلية أزمة في الأفق لحفظ ماء الوجه، للقارة العجوز في ظل ما تعرفه هذه الأخيرة من أحداث إرهابية ومشادات وظروف اجتماعية قاهرة، غيرت ملامح وجهها المعهود، لكن الضالعين في شأن الأنظمة الاقتصادية الدولية، بقدر ما هزهم قرار الانسحاب البريطاني إلا أن مخاوفهم معلقة لو أن ألمانيا التي لوحت في أكثر من مرة برمي منشفة الكيان، تخرج من رواق الأورو، ماذا سيكون مصير فرنسا.
المؤشرات الحالية صدمة قاسية، لا تبشر بالخير خاصة وأن دعوات فرنسية تتهيأ لفرض منطقها بدعوى التحرر وترك الفرصة أمام أبناء فرنسا لإثبات ذواتهم والخروج من قوقعة الكيان الذي ورثوه مرغمين لظروف تاريخية معروفة، وحان الأوان حسبهم للتنصل من ذلك، فبالنسبة إليهم مجرد تعاسة تمثل تغييرا جوهريا في الوضع يفتح احتمالات جديدة.
إذا سلمنا فرضا بأن الآلة الألمانية بقيادة ميركل، ستترك مظلتها الكبيرة التي تغطي بها حجم الاتحاد الأوروبي، باعتبارها ليست في حاجة إلى ذلك، فسوف لن يبقى أمام فرنسا سوى البحث عن حومة إنقاذ تفك أسرها وطبعا لن تكون نسخة لحكومة فيشي ؟