مازال الرأي العام المحلي والوطني يردد على الألسن والمسامع تفاصيل تلك المؤامرة التي حيكت لضرب مصداقية أهم شهادة، مصير الطلبة معلق بها وهي البكالوريا، التي يعتبرها المترشح بمثابة طوق نجاة واكتسابها يعني الولوج إلى الضفة الأخرى من الجامعة وتحقيق الرغبات الجامحة والمتوقف على عتباتها كل الأماني والأحلام.
استنفار كبير عرفته تسريبات الليلة المشؤومة، استدعى تدخلا في أعلى مستوى واجتماعا مس القطاعات المعنية أشرف عليه الوزير الأول، ليكون القرار في الأخير إعادة البكالوريا الجزئية وحفظ ماء الوجه ومعاقبة المتسببين في ذلك بيد من حديد.
ما حدث لبكالوريا 2016 وما خلفته تسريبات المواضيع المتسللة خارج الوقت الرسمي، إلا صفعة كبرى في حجم المساعي التي تبذلها الوصاية، وزعزعة استقرار منظومة تربوية برمتها، بعد سنة خالية من الإضرابات في شقيها سواء للتلاميذ أو للشريك الاجتماعي.
الذين حاولوا تعكير أجواء الامتحانات، أو أولئك الذين سولت لهم أنفسهم فعل ذلك، لم يكن يهمهم لا نجاح التلميذ ولا الحصول على أعلى نسبة نجاح، بقدر ما كان مبتغاهم ضرب استقرار الوصاية وضرب الشهادة في مصداقيتها، وهو مساس بإنجازات الحكومة وبالمساعي والمجهودات التي تمنحها الدولة والرامية إلى تعزيز المنظومة برمتها.
إذا كانت تسريبات بكالوريا 2016 يراد لها إقالة أو استقالة مسؤولة القطاع بعد الملفات العتيقة والثقيلة المتراكمة على مكتبها بالمرادية، تنتظر الفصل فيها، والتي باشرت في فتحها وتنفيذها، وتوصلت إلى حلحلة الجزء الأكبر منها، فإن إعادة تثبيتها في موقعها كوزيرة في التعديل الجزئي الأخير هو رسالة واضحة لكل الذين يريدون إسقاط الوطن في فوضى الألاعيب الدنيئة، مما يوحي بأن مخططاتهم باءت بالفشل، ولن تمكنهم في النيل منها، خاصة بعد توصل المصالح الأمنية إلى إيقاف المشتبه بهم وامتثالهم للعدالة.
هاجس عابر، سيكون بردا وسلاما على الطلبة المترشحين، بقدر ما هو فرصة ثانية لأولئك الذين لم يسعفهم الحظ في الإجابة على المواضيع الممتحن فيها، أو الذين وصلوا متأخرين عن مواقيت الموعد المحدد بما يمكنهم من استيعاب قدراتهم وصياغتها في السبيل السليم، صحيح مشاق الصيام قد تكون عقبة أمام بذل جهد أكبر وأكثر، لكن هذا لا يمنع من استدارك ما فات من مواد جهل عنها المترشحون، لتكون أمامهم ورقة طريق لتحصيل أوسع.
إن صمام الأمان لكل مجتهد ممتحن هو إثبات الذات وتقديم الجهد الأكبر في محطة ثانية تمنحه تذكرة المرور إلى الجامعة دون تهويل ولا غش ولا تسريب