إن السعادة التي تغمر الفرد وهو يحصل على شهادة البكالوريا لا يمكن أن توصف. لكن المطلع على حال الطالب الجامعي يلاحظ تلك الصدمة الكبيرة التي يتواجد فيها، من خلال الواقع الذي يميز المنظومة التربوية والجامعية، فلا يخفى على أحد أن الحصول على شهادة ليس معناه ضمان المستقبل.
لقد انحصرت شهادة البكالوريا في أهمية ضمانها بدون غش ولا تأخر للتلاميذ، ولا تسريب للمواضيع وهي الرهانات التي لا يمكن تحقيقها بالتشديد في أيام المسابقة، لأن تلك السلوكات يجب أن تلقن للطالب منذ دخوله المدرسة حتى يثق في نفسه ويبتعد عن الغش والعنف والحضور في الوقت، طالما أن الأمر يتعلق بمستقبله وحتى الرأي العام يرغب في مشاهدة جيل المستقبل وسلوكياته التي سينفع بها المجتمع.
هل ضمان مسابقة البكالوريا بدون غش ولا تسريب وبحضور الجميع قبل الوقت، معيار للحكم على نجاح الإصلاحات، أو أن المدرسة الجزائرية بخير؟إن النقاش يجب أن يدور حول رهانات أكبر في زمن يتميز بكثرة التحولات.
من المسائل التي يجب مراجعتها، أهلية التلاميذ للالتحاق بالجامعة وقدرتهم على تطوير قدراتهم المعرفية وتحسين الاستيعاب لتخريج جيل واع بما ينتظر الجزائر، لأن المطلع على حال الجامعة الجزائرية سيجعلنا ننقص كثيرا من التركيز على البكالوريا أيام الامتحانات، فمعظم المدرجات مهجورة والكل يسعى لكسب النقاط والحصول على الشهادة دون الاهتمام بالمستوى حتى بتنا نتحدث عن أفراد لهم شهادات وليس مثقفين أو متخرجين من الجامعة بإمكانهم تقديم الإضافة للحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.
والتخوف كل التخوف من ربط نتائج البكالوريا بما حدث من تسريبات ويبقى السيناريو ماشيا حتى تصبح الجزائر متهمة في شهادتها ومنظومتها التربوية.
إن سعي التلاميذ وراء الغش واستعمال العنف لنيل الشهادة، يعكس مدى تدني القيم وتراجعها في المدرسة الجزائرية، التي لا يجب أن تقف عندها مهما حصل، بل هناك الكثير من الخلفيات التاريخية والاجتماعية وحتى السياسية التي تقف حائلا دون تطوير المدرسة الجزائرية وحتى الوزيرة بن غبريت التي لها ما لها وعليها ما عليها، تعرضت للكثير من المقاومة في مختلف المراحل التي حاولت من خلالها جس نبض القطاع في الإصلاحات، فتعرضت لمقاومة شرسة جدا، فمن رفض ميثاق أخلاقيات المهنة وقضية السكنات الوظيفية وعتبة الدروس التي ألغتها وهو ما يؤكد أن مشاكل القطاع أكبر من أن تكون في تسريب امتحانات شهادة البكالوريا.
