يسعى المغرب إلى استدراك سقطاته الدبلوماسية التي أدخلته في عزلة غير مسبوقة بعد دخوله في مواجهة مباشرة مع هيئة الأمم المتحدة ممثلة في شخص أمينها العام السيد بان كي مون، الذي تعرض لهجمة شرسة من طرف الحكومة المغربية ومن وسائل إعلامها وذلك بمجرد وصفه للوضع في الصحراء الغربية بالاحتلال لدى الزيارة التي قادته إلى منطقة المغرب العربي والتي كان من ضمنها الأراضي الصحراوية المحررة شهر مارس الفارط والتي كان الهدف من ورائها إعطاء دفع للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو.
إن وصف الأمين العام الأممي للوضع بالاحتلال ليس شيئا جديدا لأن هذا التصنيف أقرته الأمم المتحدة منذ 1979، وهذا ما يبين ان المغرب كان يحاول من خلال تلك المواجهة المفتعلة مع الأمين العام الاممي الافلات من الواقع المتمثل في العودة بطريقة جدية إلى طاولة المفاوضات مع جبهة البوليساريو واستئناف المسار التفاوضي السلمي الذي انبثق عن خطة السلام الأممية التي توجت بوقف إطلاق النار بين الطرفين قبل ربع قرن من اليوم وانشاء بعثة الـ «مينورسو» التي أوكلت إليها مهمة تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية إلا أنه والى يوم الناس هذا لم تتمكن هذه البعثة من القيام بهذه المهمة بسبب عرقلتها من قبل الحكومة المغربية بتواطؤ مع أطراف دولية فاعلة معروفة على حساب شعب تتفاقم معاناته الإنسانية في مخيمات اللجوء التي يعيشون فيها أوضاعا مزرية، منذ أربعين عاما وهي الحقيقة التي اطلع عليها الأمين العام الاممي لدى زيارته لهذه المخيمات والتي أصيب فيها بصدمة لهول ما رأى من مشاهد لا تليق بالقرن الـ21.
يبقى أن عرض الحكومة المغربية السماح بعودة المكون المدني والسياسي لبعثة المينورسو الذين قامت بطردهم بسبب ما أسمته عدم حيادية الأمين العام الأممي ما هو إلا إذعان لقرار قد تم البت فيه من طرف مجلس الأمن قبل شهرين باقتراح من واشنطن وتم بموجبه إلزام الحكومة المغربية السماح بعودة الطاقم السياسي والمدني للمينورسو واستئناف هذه البعثة لمهامها كاملة بل أكثر من ذلك تم تمديد مدة نشاط هذه المهمة الأممية لسنة كاملة أي إلى غاية أفريل2017 في الوقت الذي يحاول المخزن إعطاء انطباع مغاير تماما يوحي من خلاله بأنه هو من اتخذ قرار العودة، بينما يثبت الواقع انه اصطدم بالحائط وادخل نفسه في حرج لا يحسد عليه وأكبر ما يحلم به المخزن اليوم هو حفظ ماء الوجه ليس أكثر.
الأكيد أن الدبلوماسية المغربية منيت بفشل ذريع في مناورة الانحراف بالقضية الصحراوية عن مسارها الطبيعي المتمثل في استئناف المفاوضات مع جبهة البوليساريو لاستكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية عبر استفتاء تقرير المصير، وما دعم الامم المتحدة لعمل بعثة المينورسو من خلال تمديد عهدتها وإلزام المغرب بالسماح لعودة مكونها السياسي والمدني من قبل مجلس الأمن إلا دليل على أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لم يعد يقنع أحدا