يخرج الشعب الصحراوي دائما منتصرا من الأوضاع الصعبة التي تعترض مسيرة تحرير الوطن وهذا منذ الغزو المغربي لهذه الأرض الطيبة باسم «مسيرة العار» التي كانت بداية المواجهة المباشرة مع احتلال اعتقد أن هؤلاء البواسل لقمة سائغة، لكنه وجد نفسه أمام شعب لصيق بأرضه لا ينفصم عنها أبدا مهما كانت قوة الآخر.
وإلى غاية بداية التسعينيات من القرن الماضي وللتاريخ، نقول إن المغاربة كانوا يترجون القيادة الصحراوية وقف إطلاق النار عن طريق وسطاء آنذاك بعدما تكبّدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ناهيك عن الأسرى الذين عددهم لا يحصى.
كل المعارك الحاسمة التي خاضها الصحراويون لقنوا فيها المغاربة دروسا لا تنسى أبدا، وما تزال موثّقة عن طريق ما كتب أو شهادات حيّة لمن وقفوا عليها من مقاتلين صحراويين أبطال، أجبروا جنرالات المغرب على الإذعان لكل شروط المسؤولين الصحراويين في الشق السياسي، منها الذهاب إلى تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، لكن المغاربة نكثوا العهد.
تذكيرنا بهذه الخلفية التاريخية، لا لشيء سوى لنقول إن قوة الصحراويين في وحدتهم الوطنية التي ألحقت الهزيمة النكراء بالمحتل، وماتزال هذه الروح تسري في دم هذا الشعب في بحثه عن الحل لقضيته إنطلاقا من الشرعية الدولية.
وهذه نظرة حكيمة للقيادة الصحراوية في إدارتها لهذا الملف بعيدا عن كل قراءات أخرى، كونها وضعت المغرب في موقع صعب ومعقد تجاه المجموعة الدولية التي تطالب بتطبيق اللوائح الصادرة عن مجلس الأمن فورا ودون أي تماطل. وكانت زيارة بان كيمون للأراضي المحررة، تأكيدا لصحة وسلامة ما قرره الصحراويون.
الإستمرارية لدى الصحراويين تعني البقاء أوفياء للخط الذي رسمه المرحوم محمد عبد العزيز وهو لا رجعة عن تحرير الوطن من أقصاه إلى أقصاه ولا تنازل عن أي شبر سال فيه الدم الصحراوي وهذا هو مضمون السياسة الداخلية والخارجية للصحراويين المبنية على هدف واضح ألا وهو الاستقلال الوطني.
هذه القناعة العميقة هي التي تحرك كل تلك المؤسسات الصحراوية وهي راسخة لدى الجميع لا تتزعزع أبدا وقوية أكثر من أي وقت مضى بوصلة المسؤولين الصحراويين عند اشتداد الظروف.
هذا التواصل المتين في مواقف الصحراويين، هو بمثابة أفق انفتح من أجل إتباع المسار الذي تجاوز ٤٠ سنة في الكفاح المسلح وبناء الوطن وهو حضور داخلي وخارجي كذلك تطلب تضحيات جساما وتفانيا في العمل على كافة الأصعدة.
الصحراويون يتمتعون بإرادة لا تلين ورؤية بعيدة المدى، بدليل أنهم يسيّرون شؤونهم بشكل مثير وكفاءة عالية أدهشت كل الوفود التي زارت مخيمات اللاجئين وهذا دليل على قدرة هذا الشعب على إدارة دولته القادمة خلافا لما يدّعيه البعض.
هذه المنظومة من الكفاح المسلح، وبناء المؤسسات، والعمل الدبلوماسي الخارجي، والتجنيد الداخلي، استطاعت أن تؤكد مفهوم الاستمرارية لدى الصحراويين في تحرير الوطن وطرد المحتل شرّ طردة ولن يكون هذا طويلا بعد أن أراد البعض القفز على كل هذه الحقائق وتجاهل الآخر، باسم طروحات أكل عليها الدهر وشرب.