صحيح أن للتجارة تقنياتها حتى تضمن لصاحبها أرباحا يقتات منها في حياته، ويوسع بها رأسماله، ويمكنه كل ذلك في الاستمرار في ممارسة مهنته التي يحترف، لكن عندما يستعين البائع بطرق ملتوية يسطو فيها تماما مثل اللص بالكذب والتدليس والمخادعة على زبونه، فهنا يسقط كل شيء ويحل محله التحايل والجشع، وربما كثيرا ما نصادف هؤلاء الباعة داخل الأسواق وحتى على مستوى المحلات التجارية الفخمة، ولا ننتبه في البداية إلى تلك التجاوزات التي يقترفونها، مثل التاجر الذي تقتني من محله العديد من المواد الغذائية، ويستغفلك لدى قدومك على تسديد الثمن لدى القابض فيمرر لك داخل أكياسك علبا من المصبرات والمربى، لم تطلبها ولست بحاجة إليها، لكنه يحتسبها في الثمن الإجمالي للمقتنيات وعندما تتكرر الظاهرة مرتين، تدرك جيدا تلاعبات وتحايل هذا التاجر. وليس بعيدا عن هذا البائع الانتهازي، فبعض تجار الخضر والفواكه كثيرا ما يستعينون بمكرهم بالتطفيف في الميزان، فيمنحك هذا الأخير على سبيل المثال كيلوغراما من السلطة منقوصا وعندما تزنه ثانية تجده رطلا، وليجلب الزبائن يخفض في ثمن الخضر والفواكه ويقلص في وزن المنتوج حتى ينافس باقي التجار في السوق ويحقق ربحا وفيرا. ونفس السلوكات تجدها عند تجار الملابس والأجهزة الالكترونية والعطور والساعات، فأحيانا يعاد عرض وبيع ألبسة مستعملة على أنها جديدة في محلات لا تشك أنها متحايلة، كما نجد العطور المقلدة والأجهزة الالكترونية تسوق على أنها علامة تجارية عالمية لكنها مقلدة ولا تتوفر على الجودة التي يتطلع إليها المستهلك. لكن ما لا يدركه هؤلاء التجار أنهم بتلك التصرفات الجشعة سوف يفقدون الزبائن الأوفياء، ويصعب استمرارهم ونجاحهم في تجارتهم كون “حبل الكذب قصيرا”.