إن «الأوبك» اليوم أمام مسؤولية حقيقية، تضع هذه المنظمة على محك المصداقية، لأنها صارت أمام مصيرين، إما تبني خيار الاستمرار كتكتل قوي ومتماسك يحرص على تحقيق توازنات العرض والطلب والتأثير في السوق النفطية، ومن ثم حماية الأسعار بسقف عادل، وإما أن تواجه حتمية التعرض للتصدع، وهذا ما يكبدها خسائر لن تنجو منها جميع الأعضاء، ودون شك فإنه ليس من مصلحة أي طرف استمرار تراجع الأسعار إلى حدود كلفة الإنتاج، أو أقل من ذلك، لأن المستفيد الأول من ذلك البلدان صاحبة المصالح «الجيو إستراتجية».
ولا يخفى أن الدول محدودة الإنتاج، تأثرت بشكل مباشر باختلال توازنات سوق المحروقات، غير أن البلدان ذات الإنتاج الضخم، ستعصف بها هذه الموجة في المستقبل القريب، على اعتبار أنه لا يمكنها أن تستمر في تغطية الخسائر من احتياطاتها النقدية، لكن يجب الإشارة إلى أن عودة انتعاش الأسعار إلى مستوى قارب الـ 50 دولار للبرميل في الآونة الأخيرة، ربما يمثل مؤشرا يبعث على التفاؤول.. فهل تستغله «الأوبك» من أجل إنهاء اضطراب السوق النفطية، وحماية مصالح أعضائها، وفي نفس الوقت ضمان مصالح زبائنها؟
لا شك أن العالم اليوم يعيش مرحلة تهدّد النمو وتعصف برفاهية بعض الشعوب التي استفادت من اختلال سوق المحروقات، والجزائر لا طالما عملت بحرص على بناء توافق داخل بيت «الأوبك» ومع من دول منتجة للنفط لكن خارج هذه المنظمة، انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن النمو حق من حقوق الإنسان، وضمان السلم والتنمية أفضل رد على الموجة الإرهابية.