«الديمقراطية التشاركية» ستتيح الفرصة أمام المواطن الجزائري من أجل أن يكون حاضرا خلال مداولات المجالس الشعبية المنتخبة وستحدد الكيفية التي يتم بواسطتها إبداء رأيه إن سمح له بذلك عن طريق النص المعدّ لهذا الغرض بعد أن دخل هذا الفعل السياسي الدستور الجديد بقوة وعليه لابد من مواد قانونية تضبط هذه العملية في الميدان بعيدا عن أي اجتهاد لا يفي بالتوجه المسطر.
وهذا «المشروع» الحديث في منظومة تسيير البلديات وفق مبدأ الإستشارة الواسعة لا يرمي أبدا إلى التشويش على نشاط رؤساء هذه الفضاءات أو وضع هيكل مواز لهم، يغلق عليهم باب المبادرة أو الإنفراد بالقرار لأن صلاحيات المسؤول الأول عن البلدية واضحة كل الوضوح إذ ليس هناك أي تداخل مع هذا المسعى فالديمقراطية التشاركية ستكمل قانون البلدية والولاية ولا تحدث أي شرخ بينهما.
وفي هذا السياق فإن الجهات المسؤولة بددت كل مخاوف رؤساء البلديات الذين تحفظوا عن هذا العمل وهذا من خلال الدعوة إلى الانخراط في هذا المسار وكذلك الإعراب عن مساهمتهم في ترقية هذا المبدأ الوطني خدمة للمنفعة العامة وتقليص هامش الخطأ المسجل في بعض المشاريع غير المدروسة زيادة عن غياب ذلك التواصل الدائم بين البلدية والمواطن.
هذه الوضعية المتسمة بإقصاء الفاعلين من جمعيات ولجان أحياء وحتى الكفاءات العلمية والثقافية ولدت فراغا مهولا كان محل مطالب هؤلاء من تسويته إن آجلا أم عاجلا والفكرة المبدئية في حد ذاتها ليست وليدة اليوم بل تعود إلى سنوات التسعينات والألفين ليس بهذا المفهوم لكن كان يطلق اسم «لجنة المدينة» أو «كوفيل».
هذا الفضاء التعبيري للجمعيات ولجان الأحياء كان دوريا وغير ملزم لدى البعض الذي لم يهتم بهذا الخيار بتاتا ماعدا بلديات كانت تعد على أصابع اليد كالكاليتوس والجزائر الوسطى وحضرنا في مواقع عديدة ووقفنا على نقاش ساخن وثري في آن واحد.
ففي كل مرة يطرح ممثلوا الجمعيات ولجان الأحياء المسائل المتعلقة بالانشغالات اليومية الحادة، كالإنارة، النفايات، ترميم البنايات، قوائم المستفيدين من السكن، حالة الطرقات وركن السيارات وغيرها من قضايا الساعة والإجابة تسمع مباشرة على لسان مسؤولي هذه القطاعات وهي حلول آنية وفورية.
العمل اليوم إرتقى الى مستوى أعلى وهذا باعتماد «الديمقراطية التشاركية»في العملية القاعدية وهذا بإدراج فكر جديد، في الممارسة بالمجالس الشعبية البلدية، وهذه المرة لن تكون جمعيات عامة وإنما الحضور في اجتماعات المداولات التي يتقرر فيها كل ما يتلعق بالمشاريع على المستوي المحلي.
وخلافا لما يقال هنا وهناك، فإن المواطن المعني لن تكون له صفة الملاحظ أي لا يبدي أو بالأحرى يمنع من»رأيه» وهذا ما يحبذه رؤساء البلديات لا ندري لماذا؟ فأين الإشكال إن كان تفكيره سديدا وبناء ومثمرا يعمل للصالح العام.
وسنكشف من خلال مضمون هذا النص أن التجربة الجزائرية في الديمقراطية التشاركية نابعة من تراكمات الأداء السياسي في هذا البلد وهو عمل غير مسبوق يشهد له الجميع باستقطاب المزيد من التمثيل الشعبي على نطاق واسع لذلك فقد يخطئ من يعقتد بأنها «منقولة» عن جهات أخرى هذا غير صحيح بتاتا.