خطوة كبيرة تسجل في ذاكرة الثقافة الوطنية وتعزز الملكية الفكرية والإبداعية وتحمي حقوق المؤلفين من الأدباء والكتاب، مما يعني توفير جو الإبداع الملائم والمناسب، بعيدا عن القرصنة والضبابية التي كثيرا ما تصادف المبدعين في انتاجاتهم.
مبادرة أولى من نوعها في الجزائر منذ أن عرفت الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية برمتها شبح القرصنة والتزوير والسرقة بكل أنواعها والاستحواذ على الملكية الفكرية للاغاني والأفلام والعروض المسرحية والفكاهية وحتى الأفلام التي لم تكن في منأى من هذا الشبح، فقد صار الكل يملك آليات الاستنساخ والقرصنة والربح السريع.
في ظل غياب قوانين صارمة ورقابة تسهر على هذه القرصنة وتضبط صيرورة ومتابعة كل ما من شأنه المساس بالإنتاج والملكية، فإن الأمور تزداد تعقيدا وتكالبا بين أصحاب الأحقية ولصوصية الليل الخفية، كنا نعتقد أن الثقافة سلوك وحوار معرفي وفكري نبيل له خصوصياته وله آليات الحوار والتحاور مع الآخر في ظل احترام الرأي والمصداقية في المعلومة، ولكننا لم نعتقد يوما أن تطال السرقة الأفكار والإبداع وملكات الفكر الفردية.
بقدر ما هي لاأخلاقية فهي ممارسات يجب شجبها ونبذها وعدم السكوت عنها، في ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة، اختزلت فيها الجغرافيا حدود الواقع وكان العالم الافتراضي أكبر سوق لعرض بضاعات الغير دون وجه حق.
المنظومة القانونية التي عززها الدستور وجعلها قيمة مضافة لما يعانيه الفنان والمطرب والمخرج والممثل والكاتب وغيرهم من الذين تستهويهم ملكات الإبداع، منحتها الحكومة القوة والنصوص الردعية والتقديرية في تقييم حجم الخسائر، التي تعترض حقوق التأليف والإنتاج الفكري والمعرفي.
إن عزم الحكومة على حماية حقوق المؤلفين والحفاظ على التراث الثقافي الوطني نابع من حرصها على محاربة كل أنواع الغش التي تحاول اختزال الجهد المعنوي والروحي للإنسان وجعله سلعة تباع بثمن بخس أو دراهم معدودة.
خطوة الحكومة اليوم ممثلة في الوزير الأول عبد المالك سلال ووفد من الحكومة وممثلي الفن والإبداع، دلالة على الحرص الكبير الذي مافتئت الوصاية تندد به، وهاهي النتيجة اليوم بإتلاف أكثر من مليوني قرص مقلد، بقدر ما هي دعوة إلى محاربة الظاهرة، فهي في السياق ذاته تضامن الدولة مع كتابها وفنانيها ومبدعيها ومبتكريها، وأن الأمر لا يعنيهم وحدهم، بل هي سياسة اعتمدتها الحكومة في ترشيد وتنظيف القطاع من المخادعين والغشاشين.
الأمر الذي أكده الدستور الجزائري من خلال تأكيد مواد نصوصه، على الحق في الثقافة وحرية الإبداع الفكري والفني والعلمي، ولضمان جو فني وفكري مريح يستطيع فيه صاحب التجربة والموهبة من تسطير برامجه، فإن توفير البيئة المثلى والملائمة حتى تصان هذه الحقوق حتى الوصول إلى اقتصاد معرفة وثقافة مندمج ومستديم، بحسب سلال.
إن دفاع الحكومة عن حقوق الفنانين وحماية كرامتهم، لا يكتمل إلا بمحاربة الدعامات المقلدة والتصدي لأسواقها المعلنة والخفية وتحفيز عامل الابتكار وخلق ثقافة الاقتصاد المتبادل.