«ياو.. عليكم عافية» تأتي من أهازيج الرجل المتشبع بأبجديات التاريخ، ووميض الثورة وتراتيل النشيد.. عافية تشق طريقها من تقاسيم الصيحات، لتحمل إلينا عودة عمار العسكري من مقامه الزكي، وفي سنة من رحيله الأبدي، سنة تتجدد فيها روحه معنا في مثل هذا الأسبوع.
«ياوعليكم...العافية» مثلها كالأبجديات التي حفظناها عن ظهر قلب.. في مواعيدنا اليومية في حركاتنا في مسيراتنا وعبر كل ومضة استشرافية، نستعيد فيها أمجاد الرعيل الأول للثورة التاريخية.
من تربة عين الباردة كان البعث الأول، ومنها كان البعث الأخير، وفيها تشبع الرجل بقيم النضال والذود عن الحمى، وشرب من غدير مياه مجاريها ومنابع جبال هوارة وبني صالح وأولاد علي والطاقية وغار الديماو وغيرها من الأمكنة التي خاض فيها جهاده الأصغر والأكبر.
كل تربة منها تروي عنه وكل حجرة يحرك سكونها، تنطق باسمه وبأسماء ممن سبقوه من رعيل ثورتنا المجيدة.. قامة نادرة في الرفقة والصحبة والخيار.. العسكري لا يكل ولا يمل.. سرعان ما ترى ملامح القلق على محياه إلا إذا تعلق الأمر بإعادة تصوير تاريخ أعظم ثورة في الوجود.. ثورة الفاتح من نوفمبر التي ركب موجها وخاض فيها مع الخائضين إلى أن أتى نصر الله المبين.. ليلتحق بعدها بمدارس التكوين في الفن والسينما.. ويصنع فيما بعد ملاحم من بطولات كبيرة أرّخت للثورة ورسمت مجدها وعزها.
بدأها بـ«ياو عليكم من ڤالمة» ثم بدأ الحذر فردد «ياو عليكم لبلاندي» لتنزل السكينة في مقولته «ياو عافية»، هذه الوقفات الثلاث بقيت خالدة في ذاكرة الجزائريين والجزائريات.. فكلما تحل المناسبة التاريخية إلا ويعاد ترديدها بنفس مستمرة لا متقطعة.. لتنذر من كان حيا.
ذاكرة ثقافية وسابقة تاريخية لا تتكرر في تاريخ ثقافتنا الوطنية صنعها المجاهد العسكري، من خلال أعماله وإنجازاته وتاريخه الحافل بالعطاء والعطاء دون تردد، ليرحل الجسد وتبقى الروح تحرس الوطن إلى العازل.
وداعا يا صاحب «زهرة اللوتس» ويارفيق «المفيد» ويا مانح البهجة للجمهور في «دورية نحو الشرق» وتاركا الكلام والأحاديث على عتبات «أبواب الصمت».
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.