حملة كبيرة وتحركات حثيثة قام بها المغرب في الأسابيع الماضية قصد التأثير على قرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية ليفرغه من محتواه ويجعل مضمونه غير ذي فاعلية أو جدوى حتى يمر عليه بردا وسلاما.
في الواقع لم تستكن الآلة الدبلوماسية للمغرب إلى الرّاحة في محاولات يائسة لترجيح كفة مجلس الأمن لصالح طرحه الاستعماري في الصحراء الغربية، ولم تتوقف ترسانته الإعلامية عن شن حملتها المسعورة ضد بان كي مون وممثله الخاص كريستوفر روس وبعثة «المينورسو»، ولم تسلم من طلقاتها النارية حتى الجزائر التي يصر الاحتلال المغربي دائما على تعليق هزائمه وانتكاساته المتتالية على شماعتها.
الحملة المغربية، كانت مرفوقة بجولات مكّوكية قادها الملك محمد السادس شخصيا إلى العديد من الدول الفاعلة، قصد التأثير عليها وجعلها تجنح إلى طرحه الاستعماري وترافع لأجله، لكن رغم كل هذه التحركات والجهود والمناورات، فإن رياح مجلس الأمن لم تأت بما تشتهيه سفن الاحتلال المغربي، حيث أصدر لائحة مخيبة لآماله نصّت على إعادة الاعتبار للمينورسو التي كان قد نسف مهمّتها بسحبه لموظفيه منها، وتضمّنت أمرا بتمديد عهدتها لسنة أخرى مع اشتراط العودة المستعجلة لطاقمها المدني والعسكري حتى تؤدي مأموريتها على أكمل وجه، وقد منح المجلس الأممي مهلة لا تتجاوز جويلية القادم لهذه العودة، وإلاّ فإنّه سيضطرّ لاتخاذ التدابير اللاّزمة التي ترغم المغرب على الامتثال للشرعية الدولية.
نكسة كبيرة مني بها الاحتلال المغربي إذن، فهو كان يعتقد بأن المجلس الدولي وبفعل المساعي الدبلوماسية التي بذلها واستفادته من حليفته فرنسا التي سعت بقوة لتمييع القرار الأممي وتجريده من صبغته الإلزامية والإستعجالية، سيطوي ملف»المينورسو» وربما يعيد النظر في مسار الحلّ وخياراته، لكن النتيجة أن المغرب تلقىّ صفعة قويّة ستوقظه حتما من أحلامه، وتعيده إلى أرض الواقع، لأن مجلس الأمن ومن خلال القرار2285 مازال يعتبر الصحراء الغربية وسيظل إقليما محتلاّ كما قالها بان كي مون في زيارته الأخيرة إلى المنطقة، ولهذا دعا الطرفين المعنيين «البوليساريو والمغرب» إلى استئناف المفاوضات بهدف الوصول إلى تسوية تطوي قضية آخر مستعمرة في أفريقيا.
الصحراء الغربية ستظل شوكة في جنبات المغرب توجعه وتؤرقه، وهو حتما لن يستكين إلى الاستقرار وراحة البال إلا باقتلاعها، ما يعني ضرورة تركه لتسوية تأخذ مسارها الصحيح عبر استفتاء حرّ ونزيه يختار من خلاله الصحراويون مصيرهم الذي لن يكون غير الحرية والاستقلال.