لا يختلف اثنان أن الشباب هو الطاقة الحية لأي أمة كانت و أنها الفئة التي يمكنها أن تصنع الفارق في حاضرها و مستقبلها إذا تم الاستثمار في هذه الطاقة واستغلالها بطريقة ذكية من أجل بناء اقتصاد وطني قادر على المقاومة والمنافسة في ظل التوجهات الاقتصادية والمالية الراهنة التي أثّرت سلبا على اقتصاديات الكثير من الدول ومن بينها الجزائر التي أوجدت بدورها آليات مختلفة في الصدد بهدف مرافقة الطاقات الشابة في إنجاز مشاريعها وإبداعاتها و تشجيعهم على التوجه نحو المقاولاتية.
في هذا الصدد تعتبر الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب إحدى الآليات التي يمكنها أن تساهم بفعالية في القضاء على البطالة و تشجيع الشباب على النشاط في الأعمال الحرة و الإبداع، بدل الاعتماد على الوظيفة الحكومية في الوقت الذي تتوجه فيه الدولة الجزائرية إلى المزاوجة بين القطاعين العام و الخاص من أجل وضع أسس لاقتصاد فعال قادر على خلق الثورة و إقامة قاعدة صلبة لتصدير المنتوج الجزائري بمختلف أنواعه إلى الخارج للتخفيف من أعباء فاتورة الاستيراد من جهة والخروج من معادلة المنتوج الوحيد والشريك الوحيد، التي أثبتت التجربة أنها أصبحت ترهن ليس المستقبل الاقتصادي للبلاد فقط ولكن الاستقرار السياسي كذلك خاصة وأن أسعار البترول أصبحت ورقة تستعملها أطرف معينة لفرض أجندات سياسية أو فرض قرارات أو شراء مواقف دول تعاني من صعوبات مالية.
إن اللجوء إلى إنشاء المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كتوجه عام أصبحت تعتمد عليه كل الاقتصادات العالمية، يؤكد مدى الجدوى الاقتصادية لهذا النوع من المؤسسات و مساهمتها الكبيرة في التقليل من حدة البطالة من خلال ما توفره من مناصب شغل بشكل مستدام لأنها تتمتع بخصوصية تسمح لها بأن تتماشى مع التطورات الاجتماعية من الاعتماد على الطبيعة الجوارية و المحلية ما يسمح بإنشاء مؤسسات تستجيب لحاجيات كل منطقة من جهة و يحقق بالمقابل الجدوى الاقتصادية المتوخاة من إنشاء المؤسسة لضمان نجاحها.
لقد أثبتت التجربة أن كبرى الاقتصاديات العالمية قامت في بدايتها على مؤسسات عائلية مصغرة استطاعت في ظرف قياسي أن تتحول إلى عملاق عالمي في المجال الصناعي و يكفي أن الاقتصاد الياباني الذي يعد من أكبر الاقتصادات نجاعة في العالم بدأ خطواته الأولى بالاستثمار و تشجيع مؤسسات صغيرة مثل شركة هوندا لصناعة السيارات وغيرها من العلامات اليابانية الأخرى التي أصبح لها قيمتها في البورصة العالمية و في الجزائر لدينا مؤسسات أنشأها شباب مبدعون يمكنها في حال تم تأطيرها بطريقة أفضل أن تكون النواة الأولى لاقتصاد جزائري ناجع متحرر من التبعية المزمنة للمحروقات.