يحمل إعلان الجزائر عن إعادة افتتاح سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس - كأول دولة عربية تقدم على ذلك - الكثير من الدلالات السياسية، لعل من أهمها التزامها المطلق بالوقوف إلى جانب الشعب الليبي للخروج من أزمته نهائيا، من خلال المبادرة بفك العزلة الدولية عن حكومة الوفاق الوطني، وتشجيع الدول الأخرى على القيام بالمثل اتجاه هذا البلد، الذي شهد نزوحا للممثليات الدبلوماسية جرّاء استشراء الفوضى والعنف.
بهذه الخطوة تكون الجزائر قد أثبتت للجميع حسن نواياها واتزان موقفها منذ اندلاع الأزمة الليبية، وتفنيد في الوقت نفسه لكل التهم التي حاولت دوائر معروفة ومشبوهة إلصاقها بالجزائر لتشويه صورتها لدى الشعب الليبي، والحيلولة دون قيامها بأي دور كان من شأنه إيجاد حل سياسي سلمي في البداية كان كفيلا بتجنيب الشعب الليبي الخسائر المادية والبشرية التي تكبدها، بسبب أولئك الذين تلاعبوا بعواطفه وحاولوا الركوب على أكتافه لصنع أمجاد زائفة على غرار المتصهين برنار هنري ليفي، فيلسوف الخراب والدماء، ونيكولا ساركوزي الذي لم يصدّق أن الفرصة قد جاءت أخيرا لتنفيذ حنينه الاستعماري وإفراغ براميل حقده الدفين على الجميع، حيث لم يكن المستهدف ليبيا وحدها ولكن إدخال كل المنطقة في حالة من الدمار والفوضى لينفض يديه ويجلس يتفرج على الشعوب وهي تتقاتل وتنهش لحم بعضها كما يفعل الشيطان تماما.
إن إعلان الجزائر عن افتتاح سفارتها، هو تأكيد على أنها لم ولن تتخلى عن الشعب الليبي، ودعم مسار المصالحة والعودة إلى منطق الدولة، من خلال تأييد حكومة الوفاق الوطني بالأفعال ليس بالأقوال والشعارات التي سمعنا منها الكثير. وهنا نتذكر أن الجزائر فعلت نفس الشيء مع الشعب المالي تماما، حين أبقت على ممثليتها الدبلوماسية في هذا البلد في الوقت الذي أجلت فيه الكثير من الدول دبلوماسييها منه، وكانت النتيجة سقوط شهيدين من موظفي قنصليتنا في غاو. الأكيد أن الشعب الليبي وبعد المحن التي كابدها، أصبح يدرك من كان معه ولازال ومن كان يتلاعب بمشاعره ويستغل حماسه، واعتقد أن الزمن مسح مشاعر العداء للجزائر ولشعبها من قلوب الإخوة الليبيين بعدما كشف التاريخ أن أقاويل مساندة الجزائر للديكتاتورية والوقوف في وجه تطلّعات الشعوب لم تكن إلا تهم صنعتها مخابر متخصصة، مهمتها إطلاق حملات تشويه مبرمجة لضرب الثقة المتجذرة بين الشعبين الشقيقين.