يمثل القرض السندي، آلية اقتصادية ذات جدوى، لتجنيد الموارد المالية الوطنية بفعالية، من خلال تنمية الادخار المحلي وتوجيهه إلى الاستثمار الاقتصادي، في إطار بناء اقتصاد إنتاجي متنوع ومتحرر من مداخيل ثروة المحروقات، وبالتالي مواجهة الصدمة المالية الخارجية.
إن مسألة النمو صارت، اليوم، مصيرية أكثر من أي وقت مضى، وتتجاوز بكثير الجدل القائم حول القرض السندي، لأن إضاعة المزيد من الوقت، من شأنه أن يصبح عنصرا معطلا، ويمكن اختزال جوهر التحدي في المرحلة الحالية في كيفية ضمان تجاوز الاقتصاد الوطني منعرج انهيار أسعار النفط.
غير أن نجاح هذه الآلية، يتطلب تعزيزه بعملية شرح وتبسيط، واقناع لدى الفاعلين الاقتصاديين من مؤسسات وهيئات وأرباب عمل، في انتظار جذب اهتمام الجمهور الواسع.
حتى يفعّل القرض السندي، بعد أيام قليلة من إرسائه في السوق المالية، فإن الفضاءات المعنية بترويج سندات هذا القرض، مطالبة بتهيئة مساحات ملائمة تليق بالأهداف الحيوية لهذه العملية، بمعنى إدراك ضرورة تخصيص مكاتب مهيأة ولائقة، توفر للمكتتب (أي صاحب الأموال الضخمة على سبيل المثال) المناخ الايجابي من حيث تأمين إجراء عملية الاكتتاب بعيدا عن الشبابيك العامة المفتوحة.
الجدير بالإشارة، فإن من أسباب «عدم فعالية» برنامج الامتثال الضريبي، (عملية امتصاص السيولة المالية الموازية)، نذكر من أبرزها عدم تخصيص مكاتب خاصة تضع المعنيين بهذه العملية في ظروف آمنة ومحفزة.
إذا ما عرف القرض السندي الإقبال القوي من حيث تدفق الأموال، فإن العملية سوف تضمن تمويل استثمارات جديدة يعوّل عليها في خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل، ولعلّ توسيع النسيج المؤسساتي والإنتاجي لن يتحقق من دون قاعدة تمويل للمنظومة الاقتصادية خاصة من طرف المتعاملين الاقتصاديين المعنيين أساسا للمشاركة بقوّة، حيث يمكنهم لعب دور كبير في تحقيق الأهداف المسّطرة، على اعتبار أنهم المستفيد الأول منها بحيث بقدر الإقبال على اقتناء القرض السندي، فإن الأموال المدخرة تعود عليهم بالربح عن طرق ضمان وفرة موارد لقروض تمويلية للاستثمارات، ومنه تعزيز حظوظ ترقية نوعية وجودة المنتوج الوطني في مواجهة شروط تنافسية السوق.