سلمت مدينة سيرتا شعلتها الثقافية، كعاصمة للثقافة العربية، إلى مدينة صفاقس بالجارة تونس، وتكون بذلك اختتمت فعالياتها الثقافية بعد سنة من الحضور الإبداعي والفني، امتزجت فيه مدينة سيرتا على طولها، عرسا ثقافيا على مدار إثني عشر شهرا، أعادت لها وجهها الذي غيبته الظروف واغتسلت به أرجاء مدينة ابن باديس وتعطرت بأجمل لوحاتها وفنانيها ومبدعيها، انخرطوا جميعهم في الحدث وعبروا عن أن مدينة الجسور المعلقة، هي مدينة العلم والمعرفة وصانعة الثقافة بامتياز.
تحولت سيرتا قبلة ومحجا لعديد الدول العربية، فصنع إبداعهم جماليات التاريخ وقربت الجغرافيا البعيدة مشاهدهم المتنوعة، فكان حضورهم خير سفير لبلدانهم، إلى أن تنوعت الفواصل والمشاهد الثقافية، فكسرت الجمود والمسافات، وقربت اللحمة العربية من سياقها وبابها الثقافي الكبير.
عرس ثقافي بامتياز عرفته عاصمة قسنطينة «ق» وأرخته بسواعد أبناء الوطن الذين صنعوا ملاحم الكلمات في الشعر والرواية والمسرح والسينما واللوحة الفنية وحتى الكتاب الذي كانت به البدايات واختتمت به المشاهد جميعها.
«سيفاكس « وهي تستلم مشعل «ق» ستكون حتما الأكثر حرصا على دفع عجلة الثقافة نحو الأحسن، والأخذ بتوصيات طبعة الجزائر والعمل عليها وإضفاء لبنات جديدة إلى هذا الميثاق العربي بين بلدان تشترك في اللغة والهوية والتراث.
سنة من الإبداع والجمال، لم يكن الفرح فيها دائما خير جليس، ولكن الأقدار أيضا لها القدرة على الكلام وتحويل الفرح الى دموع بعد ما افتقدنا الكثير من الوجوه الثقافية والفنية التي رحلت في عز العرس البهيج.
إلى أرواح هؤلاء جميعا سيرتا تسدل ستارها الثقافي الإبداعي وتودع سنتها الثقافية في انتظار لقاءات أخرى... فقد كانت عاصمة للثقافة رغم كل شيء، ولا يعني إسدال الستار نهاية المشهد، بل إن المشاهد تتجدد من حنايا الجزائر، والجزائر فقط.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
