الجزائر أمة واحدة شعبها انصهر في بوتقة واحدة لا تقبل الانفصام والتلاشي. ولا تنساق وراء حملات التشكيك في هويتها وشخصيتها وانتمائها العربي الإسلامي الأمازيغي.
كل محاولات تشتيت الصف وضرب الوحدة التي تقف وراءها مؤسسات بالوكالة من جهات فرنسية لم تفلح. عكس ذلك زادت أبناء الوطن تلاحما وتراصا يثبت التاريخ حالاته عبر الأزمنة والعصور. هذا ما أكده الدكتور عيسى بلمكي، أمس، من منبر «ضيف الشعب» وهو يرد على من يريدون زعزعة الاستقرار الوطني باستعمال «الأمازيغية» ورقة سياسية يلوحون بها كل مرة بتشجيع من القوى الاستعمارية التي لم تهضم استقلال الجزائر وحريتها وتماديها في بناء تجربتها الإنمائية اعتمادا على استقلالية القرار بعيدا عن الوصاية والإملاء.
وعاد الدكتور إلى مسار الحركة الوطنية التي كانت الرد الطبيعي على مسعى استعمار الأمس بالضرب على وتر انفصام البلاد والترويج الدائم للبعد الأمازيغي في كسر كل ما هو عربي إسلامي بهدف استحواذه في دوائرها المصلحية والنفوذ. ظهر هذا لأول مرة أثناء احتفالية فرنسا بمئوية احتلال الجزائر بإنشاء الأكاديمية البربرية وظلت تمدها بكل عناصر القوة والسند. وعادت الحركة إلى الوجود في بداية الخمسينيات. لكنها لم تنجح في إيقاف المد الثوري الذي عبّر عنه العقيد عميروش بدقة، ضاربة المثل للمترددين حول الهوية الجزائرية قائلا بالصوت المرتفع العالي: «أنا أمازيغي وجزائري». وهي نفس المقولة تقريبا التي رددها العلامة ابن باديس في إجابته على سؤال لمن أعيش، قائلا: «أنا أعيش للجزائر والإسلام والعروبة». وهي نفس المقولة التي ردّ بها على المشككين في وجود أمة جزائرية قائلا: «شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب».
شكل هذا الفكر والقناعة حول الانتماء الجزائري الإسمنت المسلح الذي تحطمت عليه كل محاولات التقسيم وضرب الوحدة الوطنية. وهي محاولات تتمادى تحت أشكال وأساليب لابد من مواجهتها بفكر لا يسمح بالهوان ولا يترك أي فجّ تتسرب منه السموم.
أكبر مواجهة كانت في إحياء الربيع الأمازيغي الذي تخللته مسيرات سلمية وتظاهرات، تثبت للمرة المليون وحدوية الشعب الجزائري وتنوع ثقافته. وكانت إجابة صريحة على أن هذا الربيع هو لكافة الجزائريين الذين استقبلوا بترحاب دسترة الأمازيغية وإسقاطها من لعبة التهديدات والحملات التي تخوضها أطراف بالداخل بالوكالة نيابة عن مستعمر الأمس.