كيف يودع العالم باراك أوباما ؟

س / ناصر
19 أفريل 2016

وصل الرئيس الأمريكي «باراك حسين أوباما» إلى البيت الأبيض في مهمة لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم التي اهتزت نتيجة التدخلات غير الشرعية في شؤون الدول ومحاولة التخفيف من الآثار السلبية الكارثية لفترة إدارة الرئيس «بوش» الإبن داخليا وخارجيا، سيما وأن اوباما الرئيس الرابع والأربعين أول مواطن أمريكي من أصول افريقية يتولى هذا المنصب السامي وهو ما اعتبرته الشعوب المستضعفة انتصارا للمساواة والعدالة ولإرادة التغيير والإصلاحات الشاملة وخاصة ما يتعلّق بالسياسات الخارجية الأمريكية.
وقد أدى هذا الحدث بالقس «جيسي جاكسون» أهم قادة السود في أمريكا إلى البكاء أثناء الإعلان عن فوز أوباما بالسباق الرئاسي في نوفمبر 2008.
لقد وصل أوباما إلى البيت الأبيض محملا بالكثير من الوعود التي قطعها على نفسه أثناء الحملة الإنتخابية امام مناصريه، كما حظي انتخابه باهتمام دولي كبير وانتظر منه العالم الكثير ولذلك منح جائزة نوبل للسلام بعد شهور من انتخابه عربونا على نواياه الحسنة، فأين نجح أوباما وأين أخفق بعد ثماني سنوات من قيادته لأكبر دولة في عالم متشبع بالصراعات وتضارب المصالح؟
لقد تمكّنت إدارته داخليا من تنفيذ أكبر برنامج إصلاحات للرعاية الصحية منذ عام 1965، على الرغم من المعارضة الشديدة للجمهوريين وحفزت الاقتصاد وخفضت نسبة البطالة.
كما أن أوباما وزوجته تبرعا بمبلغ 64066 دولار إلى 34 منظمة خيرية في العام الماضي بانخفاض 9,4 في المائة تقريبا عن تبرعاتهما البالغ قدرها 70712 دولار في سنة 2014، حيث يتبرع الزوجان بـ 15 بالمائة من دخلهما للأعمال الخيرية حسب ما أظهرته إقرارات ضريبية نشرها البيت الأبيض والتي كشفت مجموع مداخيل أوباما السنوية وتبرعاته للمنظمات الخيرية.
وبخصوص الوضع الخارجي الذي يعتبر امتدادا للسياسة الداخلية فيمكن القول، إن تطبيع واشنطن للعلاقات مع كوبا من دون اسقاط نظامها او دفعه لرفع الراية البيضاء خطوة هامة قلبت ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية التي ناصبت العداء لهافانا لعقود، ووصلت إلى محاولات الغزو وفرض العقوبات ومحاولة الإطاحة بالنظام بالقوة منذ الستينيات.
بالإضافة إلى ذلك، يعد النجاح في تسوية الملف النووي الإيراني بين السداسية الدولية وإيران إنجاز كبير يضاف إلى رصيد أوباما كونه لم يتح الفرصة للعسكريين للقيام بحروب يكون فيها الرابح خاسرا، بالإضافة إلى ما تتركه من مآسي على البشرية.
كم أوفى أوباما بتعهداته بشأن سحب قواته من أفغانستان وإنهاء وجوده بالعراق ولو نسبيا.
من جهة أخرى أخطأت الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما في حساباتها بشأن أوكرانيا كونها لم تراع المصالح الروسية الحيوية في المنطقة، ما أدى إلى شبه توقيف للعلاقات بين البلدين وظهور بوادر حرب باردة.
كما أنه لم يتمكن الوفاء بوعوده المتكررة بإغلاق معتقل غوانتانامو النقطة السوداء التي ورثها عن سلفه بوش، وبخصوص منطقة الشرق الأوسط فيمكن القول إن أوباما سيغادر البيت الأبيض ويترك وراءه المنطقة ملتهبة.
إضافة إلى توقيف جهود التسوية السياسية الهادفة لإقامة دولة فلسطينية وتلاشي مشروع الدولتين الذي سوقت له واشنطن كثيرا .
خطأ آخر ارتكبته إدارة أوباما وهذا باعتراف الأخير وهو التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، والذي اعتبره من أسوأ أخطائه بسبب عدم وجود تخطيط جيد لما بعد الإطاحة بالنظام السابق، وهو ما جعل هذا البلد غارقا في الفوضى حتى الآن.
وتبقى مثل هذه التقييمات بشأن أخطاء أوباما واقعية فهل سيعترف أوباما في يوم ما، بأن ترك العراق خاصة الموصل لقمة لتنظيم داعش الإرهابي وترك ليبيا وسوريا بل وحتى اليمن لمصير مشابه من أفدح أخطائه، بل أن التدخل الأمريكي في هذه الدول زاد الطينة بلة وجعل أزماتها أكثر تعقيدا.
  فهل سيغادر العالم أوباما كما استقبله قبل ثماني سنوات؟ أم أنه سيغادر غير مأسوف عليه؟.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024