احتضنت العاصمة الإثيوبية، نهاية الأسبوع المنقضي، مؤتمر ميونيخ العالمي للأمن، الذي ناقش المعضلات الأمنية التي تواجهها القارة الإفريقية في الوقت الراهن، في ظل تنامي التطرف والإرهاب والنزاعات الداخلية.
ورغم أهمية الإشكاليات المطروحة، إلا أنه، وكما جرت العادة، أخذت علاقة الأفارقة بالغرب، حيّزا معتبرا، حيث صرح وزير الخارجية الإثيوبي بأن إفريقيا قادرة على حلّ قضاياها بنفسها ولا تقبل الوصاية الخارجية، بينما صرح نظيره السوداني قائلا، إنه وخلافا لما مضى، جاء الغرب «ليناقش»، ولم يأت بإملاءات جاهزة.
هي إذا عقدة «الدونية» ومركب «التفوق الفطري» للشمال على الجنوب، مازالا يغطيان خلفية المعاملات بين إفريقيا وشركائها الأجانب وتحديدا القارة الأوروبية، ويضعان العوائق المعنوية التي تجعل الشعوب الإفريقية لا تثق في الغرب وتتوجس منه ومن مخططاته.
الواقع يقول إن دولا غربية تملك نفوذا قويا داخل القارة السمراء، تتحكم في خيوط ربط وحل الأزمات السياسية والأمنية، وفي الثروات الطبيعية وتستنزفها، والجميع على علم بذلك، فالفرق كبير بين القول والفعل.
لقد أبدت الدول الإفريقية، من خلال لقاءاتها العديدة تحت قبة الاتحاد الإفريقي، إرادة كبرى في الانتقال من الوصاية والتدخل الأجنبي إلى الشراكة الحقيقية والتعاون، وقد سنّت للغرض آليات وهيئات، ولم تتقدم الأمور بالشكل الذي تطمح له.
ولعل معرفة أن ميزانية الاتحاد الإفريقي مصدرها الأساسي قادم من الإعانات الدولية، يفسر عدم استقلالية القرار القاري بالشكل الكامل، ويؤكد أن تغير النمط القديم في العلاقات الإفريقية- الدولية يبدأ بإصلاح ينطلق من أدق التفاصيل.