في مثل هذا اليوم أو قبله بسبعة عقود ونيف، أسس شيخ الإصلاح عبد الحميد بن باديس منهاجا تربويا وتعليميا كان قدوة يحتذى بها، وحاجزا منيعا ضد الجهل والاستغلال والتحرر من براثن فرنسا الاستعمارية، التي حاولت بشتى الطرق تضليل مشكاة النور، وزرع وشايات الدجل والشعوذة في أوساط الشعب الجزائري المكبلة خطاه بأغلال إدارة الاحتلال وسياط من حديد.
جاءت حكمة الإمام ابن باديس مضغة، أطعمت أبناء الوطن في حلق الأعداء الذين تكالبوا على البلد منذ قرن ونصف، محاولين زرع الفتنة في أوساط الشعب عن طريق التضليل والجهل، فجاءت قوة الذود عن الحمى نبراسا حمله الأولون من جيل المدرسة الحرة والكتاتيب والزوايا، فكان العلم نور دربهم والهداية سبيلهم الذي لم يرتضوا عنه بديلا، فحملوا الخطوب دون مهابة ولا خوف ولا شجن.
هذا الجيل الذي أرخ لأعظم ثورة في التاريخ وحمل سلاح الحياة، لم تخفه أرماده فرنسا الاستعمارية، واستطاع بعد جهد طويل، نيل حريته واستقلاله، الأمر الذي لم تهضمه فرنسا، ومازالت إلى اليوم عن طريق أذنابها وتابعيها من المرتزقة، التطاول على سيادة البلد ورموزه، ووصل بها الأمر إلى حد التشكيك في تاريخ ثورتنا المجيدة، الملحمة التي سيق من أجلها المليون ونصفه من الشهداء زمرا وتباعا إلى سجل الخلود، لم تلهيهم دعوات باريس ولا جِنَّانُ فرساي، ولم يكن الفقر يوما عائقا أمام إرادة تسلحت بالعلم فكانت نعمة في الدنيا والآخرة.
أخيرا ...
ما يقوم به بعض الساسة من معارضة فرنسا وصحافة ريعها، لا يخدم الود والاحترام بين الشعبين، ويثبت مرة أخرى أن كتابها الذي طويناه يوم الحساب، سيأتيه من خلاله جوابنا وتأكيدنا، أن سيادة الوطن ورموزه وتاريخه ليست للمساومة، بل هي خط أحمر، بدماء أبنائه اليوم وغدا لتبقى جزائر ابن باديس شوكة أزلية في حلقوم باريس.