أمة علم، لا جهل

بقلم نور الدين لعراجي
16 أفريل 2016

ليس غريبا أن يعيش العلم غربته، وتتنصل الأسرة عن دورها التربوي والمعرفي في رعاية الناشئة، عندما تطغى سلوكيات الشارع والمحيط وغيرها من الثقافات الغربية، لتحل محل الأخلاق النبيلة التي دعا إليها أول دستور سماوي، وناشد الأمم على التعلم والقراءة والبحث في ملكوت الأشياء، حتى تقف على أمهات المعارف والعلوم.
ونحن نعيش محافل يوم العلم، ابتهاجا به وتمجيدا للمناسبة التي اختيرت لتكون تشجيعا للتعلم وكسب المعارف، وترسيخا لسنن هذه الفضيلة التي رافقت تطور الشعوب والأمم، وكانت فاصلا بين الجهل والمعرفة، عمل شيخ الإصلاح الإمام عبد الحميد بن باديس على رعاية هذه الخصال الحميدة وتشجيعها بكل الطرق والوسائل، إيمانا منه بأن العلم لا تضاهيه أية مرتبة مهما كانت ولا يمكن أن يساهم في بعث القيم الحسنة، وجعلها مكسبا وفخرا للأمم المتعلمة. أما تلك التي غرقت في لجج الجهل والتخلف وغيرها من الأمراض الاجتماعية، سينالها وبال أمرها آجلا أم عاجلا، ولا مفر لها من ذلك مهما حاولت تدارك الأمر ببراهين وحجج لا تسمن ولا تغني من جوع.
للأسف، كثيرا ما نصطدم بواقع مرير تعرفه بعض مؤسساتنا التعليمية، ينخر القيم ويحرف الكلم عن مواضعه، إما بالجهالة تارة وإما بالسقوط في مطيات الانحراف والحداثة والعالمية، متناسين أن الأمور في بداياتها إن لم تضبط سوف تخرج من قبضة المجتمع وتصبح خطرا يهددنا ويسيء لمرجعيتنا وهويتنا، التي توارثناها جيل بعد جيل.
فقد وقفنا على انتشار الكثير من الآفات الخطيرة كالمخدرات واستهلاك الحبوب المهلوسة في الوسط المدرسي، وتفشي ظاهرة التدخين بين الجنسين، مما عجل بدق ناقوس الخطر، فالأمر يتطلب تجنيد كل الجهات وليس دور المدرسة وحدها، بل هو دور يقع على عاتق جميع الفاعلين في المجتمع، ما بالنا في الوسط الجامعي، الذي هو أيضا لا يخلو من تبعات هذه الآفات الخطيرة، لأن المقصود منها هو المنظومة التربوية وحدها، وتهديم تلك الروح الإصلاحية التي كانت قاعدة النشء الأولى وإخراجه من براثن السوداوية والعبث والجهل والأمية والتخلف.
صحيح ما نعيشه اليوم من بعض مظاهر الانحراف لا يعكس الصورة الحقيقية التي مازالت المدرسة الجزائرية تحافظ على أنقى صورها في الصفاء والتكوين والسؤدد، ثم تشد قائمتها وتسهر على تكوين جيل من الأفذاذ، يحملون المشعل ويزرعون الأمل في وطن يكبر بسواعد أبنائه، ويحمل مشعل مشايخه وعلمائه وصناعه حتى لا نكون أمة ضحكت من جهلها الأمم.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024