تواصل الجزائر خوض مسار التنمية بالارتكاز على مواردها الوطنية والشراكة الأجنبية المتوازنة، من خلال اعتماد خيارات هادئة تحكمها إجراءات تضع النمو هدفا مركزيا. وفي الوقت الذي توجه فيه الاهتمام إلى تطورات السوق النفطية، التي تعرف انهيارا على مستوى الأسعار تضاعف من جهود النهوض بالمشاريع الاقتصادية خارج المحروقات، التي تواصل حقولها وآبارها النشاط بعيدا عن التهديدات المختلفة، ودون الوقوع في دائرة المساومة والابتزاز.
وتم التأكيد على الموقف الذي أعلنته الجزائر بشكل واضح مثلما عبر عنه وزير الطاقة، بأن المواقع الإنتاجية لحقول البترول والغاز تواصل نشاطها مهما كانت طبيعة موقف الشركاء الأجانب، الذين يملكون حرية قرارهم في وقت تمنح فيه السوق الجزائرية فرصا استثمارية ذات تنافسية في ظل مناخ للأعمال ما فتئ يتحسن، تعززه مؤشرات إيجابية على مختلف الأصعدة.
بالأمس كان التعامل مع الاعتداء الإرهابي على مركب «تيڤنتورين»، فنال اعتراف الشركاء الذين أدركوا مدى الخطر الذي كان يترتب لو لم يحسم الأمر بالسرعة والفعالية اللازمتين، واليوم يتجدد الأمر مع الاعتداء الذي استهدف موقع «خريشبة» وتم إحباطه على جبهتين، الأولى اليقظة الأمنية التي يتكفل بها أفراد الجيش الوطني الشعبي، والثانية الاعتماد على الكفاءات الجزائرية لرفع التحدي وضمان نشاط المصنع.
ويسجل كل هذا في خانة التحديات الكبرى، التي ينبغي أن ترفعها الجزائر بإمكانياتها ومواردها لتواصل المسيرة باتزان ووضوح للرؤية، بحيث يتم تفعيل الحلول الوطنية وتعميق الشراكة مع الأطراف والمؤسسات الأجنبية، التي وضعت ثقتها في السوق الجزائرية وقبلت قواعد الاستثمار المنتج خارج المحروقات.
ومثلما نجحت تجربة التأميمات وحماية المواقع الحيوية للاقتصاد، سوف ينجح لا محالة هذا التوجه المرتكز على الالتزام بالدفاع عن المصلحة الوطنية التي تمثل البوصلة، في ظل عالم يعيش ظرفا اقتصاديا وأمنيا معقدا، تلعب فيه الشركات العابرة للأوطان دورا أقرب للمضاربة والتلاعب لخدمة مصالح قوى دولية تتحكم في دواليب القرار الدولي.