تجربة تستدعي الاهتمام

فنيدس بن بلة
11 أفريل 2016

ظلت لسنوات العمود الفقري للتنمية المحلية تشكل القلب النابض للنسيج الاقتصادي الاجتماعي الإداري للبلديات تنشط في مختلف القطاعات البيئية، الحرفية وإنجاز البنى تحتية وغيرها. استحدثت مناصب شغل، كرّست الاستقرار المحلي. إنها المؤسسات المحلية ذات التجربة الثرية صنّعت مجد الجماعات المحلية، خلقت الثروة وموّلت خزينة الإدارة يتوقف عندها «الشعب المحلي» محاولة الإجابة عن أي دور تلعبه في هذا الظرف؟ هل بقي لها مكانة في إعادة بعث النشاط الاقتصادي المصغر وإحداث التوازن في معادلة التنمية المحلية.
عدنا إلى هذا النمط من التجربة الاقتصادية عبر استطلاعات ميدانية وحوارات مع مسيري الإدارة المحلية والمهتمين بشأن الجماعات المحلية التي تعيش حركية، أعيد لها الاعتبار منحت سلطة القرار بعد صدور قانون الولاية والبلدية. وهو تشريع يمنح صلاحيات موّسعة للإدارة المحلية بإنشاء مؤسسات مصغرة تفتح أبوابها لخريجي مراكز التكوين المهني، الجامعات والمدارس العليا، وتكون مصدر إيرادات للبلديات في زمن شحت فيه الموارد نتيجة تراجع أسعار المحروقات وتزايد الطلب على اعتماد البدائل الاقتصادية الأنسب.
تظهر أهمية المؤسسات المحلية التي عمّر بعضها لسنوات واختفت أخرى من الخارطة، في شقها الاجتماعي لكونها لم تنشأ في الغالب من أجل تحقيق الربح بدرجة أولى ومنافسة كبريات الشركات، لكن لتأدية وظيفة الاستقرار الاجتماعي بحيث تفتح مناصب عمل لشباب المنطقة، تزيل عنهم كابوس التنقل إلى الجهات البعيدة بحثا عن وظيفة.. تؤمن لهم دخلا ييسر حياتهم ويحميهم من السقوط في وكر الانحراف وما يشبهه من مشاكل اجتماعية أخرى.
تظهر أهمية المؤسسة المحلية إحدى شبكات التوظيف كونها مرفقا اقتصاديا أو مهنيا يتمتع باستقلالية مالية، تؤدي خدمة لها منفعة اجتماعية تزوّد بها حاجيات سكان البلدية أو القرية.
يكشف تلاشي الكثير من المؤسسات المحلية عن صعوبة عملية التنمية التي عاشتها الجزائر وعدم استقرارها على نموذج انمائي واحد منذ الاستقلال.. عرفت البلاد تجربة التسيير الذاتي التي لم تطل وعوضت بمؤسسات وطنية عقب موجة التأميمات الكبرى والرغبة الملحة آنذاك في بناء مركبات صناعية لم تدم طويلا بسبب الأزمة المالية والنهج السياسي المختار.
دخلنا في إعادة الهيكلة ولم نخرج منها حتى داهمتنا العشرية السوداء وإمضاء اتفاقية مع «الأفامي» وما رافقها من املاءات ووصفات. كانت تجربة مرة لكن نراها مفيدة لأنها علّمتنا أن الأزمة بقدر ما هي تلد الهمة، تحفز على الإبداع والتفكير في ما هو أفيد وأنجع دون البقاء أسير الاشياء السهلة.
لهذا جاءت تجارب أخرى بعد العشرية السوداء، مكمّلة تأخذ في الحسبان مواطن القوة والضعف بالمؤسسة المصغرة. تجارب تعتمد نفس الاسلوب تقريبا وتختلف في الاهداف والمقاصد. إنها تجربة المؤسسات المصغرة التي تنمو كالفقيع وتجد التشجيع الكبير من السلطات العمومية. ترافقها بآليات دعم وتمويل غايتها إفساح الفرصة لحاملي الشهادات وأصحاب المشاريع إنشاء مؤسساتهم لخلق التشغيل والثروة بدل الابقاء في خانة البطالة المقيتة المولدة لكل أشكال اليأس والقنوط.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024