حمل الربيع عبر العديد من الأقطار العربية مؤشرا لمصطلح الموت والاحتقان والعنف، وكل ما تعلق بالخروج والإساءة للعلاقات الاجتماعية التي تبنى من خلالها الأمم، وتكبر في حضنها الشعوب، وقد حاولت الكثير منها السقوط في ملذات الإيعاز الخارجي فشوه موسم كان الأجدر أن يُحمّلوه مواصفاته الطبيعية، التي ساقها الأزل، ضمن منظومة موسمية تسبح في ملكوتها، دون قيد أو ملل.
وهاهي الجزائر اليوم تسدل الستار على أكبر تظاهرة ثقافية عرفتها، المتعلقة بقسنطينة عاصمة الثقافة العربية، لتخرج مدينة الجسور المعلقة، حاضنة حركة رائد الإصلاح الوطني عبد الحميد بن باديس وموطن الفرڤاني ومدينة مالك حداد وأحلام مستغانمي، ومنبع «أعصاب وأوتار»، والوهج الأثيري «سينيراما».
قبل هذا الاختتام عملت الجهات الوصية ممثلة في وزارة الثقافة على تأسيس مشهدها المتميز والمتنوع في فعل وعمل إبداعي، ضم كل الفنون والأجناس بمختلقها، قلما عرفه البلد في سنوات سابقة، خاصة أن الأمر يتعلق بالاستثناء في خلق المشهد الثقافي ليكون سفير النوايا الحسنة لأبنائه وجيرانه.
لعل برمجة تظاهرة ربيع ثقافي جزائري خالصة، جديرة بجعل المبدعين من أبناء الجزائر العميقة والضواحي، يصنعون خارطتهم الثقافية بعيدا عن كل ما من شأنه تشويه الربيع، ومنحه بريقه ورونقه اللذين فصلتهما له الطبيعة، ناهيك عن إضفاء ما تكتنزه الجزائر من مخزون ثقافي وطاقات، تساهم في بناء صرحها المعرفي والفكري بعيدا عن أية ضغوطات مهما كان نوعها وموطنها.
لئن كان ربيع الجزائر منارة لمسار سياستها الثقافية فهو التتويج الذي ساهم فيه كل أولئك الذين منحوا بصماتهم وأقلامهم وأعمالهم وإبداعاتهم من مختلف الزوايا، مدافعين عن توهج قيمة الوطن فنيا وجماليا وبكل ما تحمله فوانيس الثقافة من إشعاعات تنير سفوح وطن الشهادة والشهداء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.