تعتبر قمة الأمن النووي المنعقدة بالعاصمة الأمريكية واشنطن، محطة لتقييم ما تم إحرازه على طريق تخليص البشرية من أسلحة الدمار الشامل، التي تهدد الكرة الأرضية بالفناء أو على الأقل العودة بالإنسان إلى الحياة البدائية في حال وقوع تراشق نووي بين دول النادي النووي، وهي فرضيات تنبّأ بها الكثير من العلماء والفلاسفة وتكفي حادثتي تشيرنوبيل سنة 1987 وفوكوشيما سنة 2011، لتبيان حجم مخاطر هذه التكنولوجية، كما تأتي هذه القمة في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات تحذر من إمكانية أن تطال أيدي الجماعات الإرهابية الأسلحة غير التقليدية.
إن الجزائر ومن خلال مشاركتها في هذه القمة - ممثلة في شخص الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال - تجدد التزامها بالعمل على تعزيز السلم والأمن الدوليين، من خلال الدعوة إلى نزع وإخلاء كل مناطق العالم - دون استثناء ولا انتقائية - من أسلحة الدمار الشامل، لتتحول إلى جزر للسلام والتعايش عبر إبعاد خطر هذه الأسلحة، التي لا تبقي ولا تذر وتعد بفناء كوكب الأرض والقضاء على السلالة البشرية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجزائر قد وقّعت شهر مارس الفارط من السنة الجارية 2016، على الالتزام الإنساني الدولي بحظر الأسلحة النووية، مساهمة منها في دعم جهود المجتمع الدولي فيما يتعلق بنزع السلاح النووي وعدم انتشاره، من أجل تعزيز الأمن الدولي الذي يعتبر أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليه السياسة الخارجية للجزائر، وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال تعاونها مع مختلف الشركاء الدوليين وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة في مواجهة التهديدات بمختلف أشكالها، سيّما ظاهرة الإرهاب الدولي في الوقت الذي ظهرت فيه بوادر عن إمكانية حصول الجماعات الإرهابية على أسلحة الدمار الشامل.
إن التزام الجزائر بتوجه المجتمع الدولي نحو نزع أسلحة الدمار الشامل والعمل على عدم انتشارها، تجسد ذلك في توقيعها على مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وما بذلته في هذا الباب ولا تزال لم يأت من فراغ، ولكن بحكم أنها اكتوت بنيران هذه الأسلحة المدمرة، وتبقى رڤان وعين ايكر عناوين لبشاعة التجارب النووية الفرنسية الاستعمارية، التي لا تزال أثارها ماثلة إلى اليوم، حيث لم يعد في ثناياها مكانا لا للحياة النباتية ولا الحيوانية، وذلك علاوة على قوافل من المواليد الجدد، التي تزداد بتشوهات خلقية في كل المناطق المحيطة بمواقع التفجيرات النووية التي نفذتها فرنسا الاستعمارية في الصحراء الجزائرية بداية من سنة 1960.
الأكيد أن قمة واشنطن حول الأمن النووي، تشكل فرصة للجزائر لتجدد التزامها الثابت بالاصطفاف وراء المجموعة الدولية في سعيها إلى تحقيق حلم التوصل إلى عالم خال من أسلحة الدمار الشامل، بعيدا عن سياسات الانتقائية والتوظيف، كما أنها تشكل سانحة يمكن للجزائر أن تذكر المجتمع أنه من حقها الحصول على التكنولوجية النووية للأغراض السلمية، وأنه على الدول التي تمتلك هذه التكنولوجية الكف عن احتكارها والعمل على تزويد الدول الراغبة في الحصول عليها من أجل تنمية عالمية متوازنة ت