يتواصل التنسيق والتشاور المستمر بين الجزائر وتونس، حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأظهرت الزيارات المتبادلة والمتتالية للمسؤولين السامين للبلدين، أن المسائل الأمنية تتصدر الاهتمامات بالنظر لحجم التهديدات والمخاطر.
التنسيق الجزائري-التونسي، يعود إلى سنوات طويلة، لكنه زاد بشكل كبيرة، خلال الفترة الانتقالية التي دخلتها تونس عقب أحداث 2011، حيث لعبت الجزائر دورا حثيثا في إنجاح المشاورات الوطنية بين مختلف الأطياف السياسية التونسية، وفتحت جميع أبوابها لإفادة هذا البلد الشقيق والجار، بخبرتها وتجربتها في ميدان صيانة مؤسسات الدولة وحفظ الأمن ومحاربة الإرهاب.
وتعتبر الجزائر «أمن تونس من أمنها»، وعبرت استعدادها لتقديم الدعم والمساعدة في جميع المجالات، خاصة وأن دولة بحجم تونس، كانت ضمن البلدان المعنية بمخططات الدمار عقب ما سمي بوقائع «الربيع العربي».
لقد كان للجزائر وتونس، نظرة استشرافية في قراءة المتغيرات الحاصلة بالمنطقة وفي ليبيا على وجه التحديد، حيث أن التركيز المفرط على الجوانب الأمنية، أدى إلى صيانة الأمن العام ومنع توطين الجماعات الإرهابية، في مناطق جغرافية معينة.
وقد سمح التنسيق العالي المستوى، بين البلدين، الذي ميز عمليات مكافحة الإرهاب بجبل الشعانبي، على الحدود الجزائرية-التونسية من تصفية كافة العناصر الدموية، وتجاوز الجيش والأجهزة الأمنية التونسية نقص الخبرة في ظرف وجيز، وتعلمت سريعا من الهجمات التي تعرضت لها في متحف الباردو والمنتجع السياحي بسوسة، بفضل الاستفادة من كفاءة نظيراتها الجزائرية.
واستطاع الجيش التونسي، صد أعنف هجوم للتنظيم الإرهابي المسمى «داعش»، خلال الأسابيع القليلة الماضية، في عملية نوعية اعتبرتها الأوساط الداخلية ملحمة أمنية، ونصرا كبيرا في واحدة من أشرس المعارك ضد الإرهاب.