«الهجوم خير وسيلة للدّفاع»، إنّه الشّعار الذي يرفعه المغرب هذه الأيّام ليشنّ من خلاله حملة مسعورة ضدّ الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون، فقط لأنّه سمىّ الأشياء بمسمّياتها وأقرّ بأنّ التواجد المغربي في الصّحراء الغربية هوّ مجرّد احتلال...
الاحتلال المغربي يتخبّط كالذبيح الذي يقترب من نهايته، لهذا نراه يقود معركته الأخيرة الخاسرة ضدّ أمين عام أعلى هيئة أمميّة في العالم بكثير من الفظاظة والإساءة، معتقدا بأن هذا الأسلوب المشين وسياسة ليّ الذراع التي يمارسها، ستمكّنه من تزييف الوقائع، وسترغم المنظمة الدولية على مجاراته كما فعلت بعض الدول، لتصرف النظر عن الحقّ المشروع للصحراويين في تقرير مصيرهم والاستقلال.
المعركة التي عبّأ لها المغرب ترسانته الإعلامية المأجورة، واستباح فيها كل أشكال الإدّعاءات والمزاعم الباطلة، تبدو خاسرة من الوهلة الأولى لأن بان كي مون لم يجانب مطلقا الحقيقة عندما أعلن بأنّ الإقليم الصّحراوي أرض محتلّة، ولم يخرق أبدا قرارات الهيئة التي يرأسها، فقد جزمت قبل أكثر من نصف قرن بأنّ الصّحراء الغربية إقليم محتل ومعني بحق تقرير المصير والاستقلال.
بان كي مون وضع أصبعه على جرح المغرب النّازف، فآلمه ذلك أشدّ ألم، الأمر الذي جعله يتخبّط في كلّ الاتجاهات، ويرميه بسهامه السّامة متّهما إيّاه بالانحياز للصّحراويين، وهو في الواقع لم ينحز إلاّ للحقيقة التي يصرّ الاحتلال على حجبها والهروب منها بالاختباء وراء مقترح «الحكم الذاتي» الذي فصّله على مقاسه ليرسّم من خلاله سطوته على الصحراء الغربية.
الاحتلال المغربي الذي يلعب هذه الأيام آخر أوراقه بفتح معركة «دونكيشوتية» ضد الأمين العام للأمم المتحدة، يبدو مثيرا للشفقة والاشمئزاز، لأن شمس الحقيقة لا تغطّيها عيون غربال، وهو إن كان يحاول تسكين ألمه بالتهجّم على شخص بان كي مون، فعليه أن يستعدّ للوجع الأكبر عندما يعرض هذا الأخير تقريره عن جولته الأخيرة إلى المنطقة على مجلس الأمن الشهر القادم، وبكلّ تأكيد سيتلقى صفعة قويّة تزلزل كيانه وتجعله يستفيق من غفلته على حقيقة أساسية يريد الهروب منها وهي أن الصحراء الغربية بتأكيد بان كي مون أو بدونه أرض محتلة تنتظر الاستقلال عبر استفتاء لتقرير المصير آت لا محالة.
