تحيي الجزائر اليوم، عيد النصر الموافق لـ19 مارس، الذي يعد مناسبة كبيرة في تاريخنا الثوري، نستحضر فيها صور تضحيات جسام لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه بأن تتحرر الجزائر من قبضة الاستعمار الفرنسي، بعد أن خاض الأبطال ثورة مجيدة، أذهلت العالم وأصبحت مثالا للتضحيات.. تغلب فيها الشعب الجزائري الأبي على قوة عسكرية مدعمة بإمكانيات ضخمة للحلف الأطلسي.
19 مارس 1962 كان الإعلان عن وقف اطلاق النار، عقب مفاوضات إيفيان، أبدع فيها المفاوض الجزائري، الذي سار على خطى من كانوا في ميدان الوغى، حيث أرغمت فرنسا الاستعمارية على الرحيل من الجزائر بعد أكثر من 130 سنة من الاحتلال. فالنجاح العسكري للثورة في الميدان والخسائر الكبيرة التي تكبدتها فرنسا طيلة سبع سنوات، جرها إلى طاولة المفاوضات، التي أظهرت عبقرية جزائرية في الدفاع عن شعب ذاق مرارة الاستعمار وسنوات من الكفاح ببسالة من أجل استعادة السيادة الكاملة على الوطن.
فالثورة التحريرية الجزائرية العظيمة، كتبت صفحة مشرقة لتاريخ البشرية، كمثال لتضحيات شعب أراد العيش في حرية وكرامة.. واستحضار ذكريات مصيرية في الكفاح المسلح، يقدم العبر للأجيال المتعاقبة وينير الطريق أمام الشباب الذي يعتبر مستقبل البلاد.
والجزائر التي خطت خطوات عملاقة بعد استعادة استقلالها، سارت في رواق إعطاء الأولوية للتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، لضمان العيش الكريم للمواطن الجزائري.
ومبادئ ثورة نوفمبر تعتبر المرجعية القاعدية للجزائر في مسارها، لا سيما وأننا في الظرف الراهن أمام تحديات كبرى اقتصادية، اجتماعية وأمنية، تتطلب تضافر جهود الجميع لتجاوز هذه العقبات.. خاصة أن الشعب الجزائري مر بتجربة مريرة وجابه الإرهاب الأعمى لعشرية كاملة.. وأثبت التحامه وتمسكه بالعيش في الأمن والاستقرار.
فذكرى عيد النصر وقفة مميّزة لاثبات سير الجزائر في منهج التطور والرقي ضمن استراتيجية موفقة، أتت بالكثير من النجاحات الاجتماعية والاقتصادية. هي محطة مرجعية لمواجهة تهديدات الظروف وتحديات محيط جيواستراتيجي إقليمي مضطرب.